خطوات سياسية وميدانية محسوبة بعناية وتركيز قد يكون مبالغ فيه لقطبي الصراع الأساسي في سوريا، أي روسيا والولايات المتحدة. ومن جهة ثانية، قلق إقليمي لحلفائهم من هذه الحذر الشديد، انعكس خوفا وارتباكا وقراءات متعددة لأوجه المسارات المحتملة للصراع، استدعى تحركات استباقية وإعادة بناء تحالفات سياسية، في الإقليم المرتبك عموما.
هذا الوضع الحذر والقلق في آن انعكس على حلفاء الولايات المتحدة في سورية. فحرب التصفيات بين حركتي "جيش الإسلام" و"أحرار الشام" تندلع في الخفاء عاكسة التباين التركي السعودي، والخوف من قرارات أوباما المستقبلية لجهة تصنيف الجماعات الإرهابية، واعتماد حركة "أحرار الشام" كرأس حربة لسياستها الميدانية في سوريا بديلاً عن "جيش الإسلام"، الأمر الذي يعني إقصاء السعودية من المشهد السوري.
وبتوسيع دائرة الرؤية، تبدو روسيا اليوم أكثر استعداداً لخوض المعركة بلا أسقف محددة، فـ"الباترويت" على الحدود التركية يرسل إشارات محددة للقوة الصاروخية الروسية القادمة من قزوين. وبات جليا أن إدارة أوباما نقلت الصراع بين الناتو وروسيا الصاعدة من شرق أوربا إلى الميدان السوري، ورئيس الأركان الروسية يقول علانية "نفذ صبرنا" على الكيدية الأميركية في سوريا. انطلاقاً من ذلك يقف المشهد السوري على مفترق طرق، هل نحن أمام ساعة صفر لجولة ميدانية معقدة في سوريا بدأت ترتسم ملامحها في ريف حلب الجنوبي أم أن لإطلالة ديمستورا إشارة إلى استئناف جولات جنيف المعطلة والمتعثرة بقرار أميركي…ما بعد معارك منبج والطبقة.