تكمل اليوم الأزمة السورية عامها السادس، وغداً تدخل عامها السابع، في ظل متغيرات ومتبدلات محلية وإقليمية ودولية لم يتضح منها حتى اللحظة ماهي السياسات المتعبة من قبل الأطراف المتداخلة في الحرب على سورية، لجهة إنهاء هذه الحرب القاسية في ظل استمرار القتال على جبهات متعددة من الجغرافيا السورية ضد الإرهاب. بنفس الوقت التزام مناطق أخرى تقع تحت إطار اتفاق موسكو لوقف إطلاق النار، كما وتدور عجلة الحراك السياسي على قدم وساق في الداخل السوري وعلى المستويين الإقليمي والدولي وفي مقدمتها في العاصمة الكازاخية أستانا.
في حلقة اليوم، نحاول أن نتحدث إلى عدد من الشخصيات التي كان لها دور حقيقي في الدفاع عن الوطن ومواجهة الإرهاب بكافة أشكاله في ميدان القتال، وفي ميدان السياسة، وفي الميدان الاجتماعي وغيره من ميادين المواجهة التي لا تعد ولا تحصى، ولا ننسى هنا عنصر هام من عناصر المجتمع السوري الذي أعطى الكثير في هذه الأزمة للدفاع عن الوطن ونقصد هنا المرأة التي أعطت الابن والزوج والأخ والحبيب شهيداء للوطن، والتي شاركت بنفسها في القتال على الجبهات، وحضرت الطعام للجنود في كل مكان، ومارست العمل الاجتماعي والسياسي وكل أشكال النضال لتثبت حضورها ودورها في الدفاع عن الوطن.
الحديث يطول جدا عن السنوات العجاف التي عاشتها سورية في ظل هذه الحرب وهناك الكثير من الأسئلة التي يمكن طرحها لكن أهم محاورها تأتي على الشكل التالي:
أين وصلت الحرب على سورية؟
وماهي المتغيرات التي طرأت على المجتمع وعلى الدولة وعلى الشعب بشكل عام؟
كيف قاوم الشعب السوري هذه الحرب؟
وهل من آمال معقودة على الخروج من الأزمة في الظرف الراهن؟
تقول الناشطة الاجتماعية، الإعلامية عائشة أسود:
خلال هذه الفترة أكدت المرأة السورية على دورها في المجتمع على الرغم من الظروف الصعبة والقاسية التي مرت بها سورية، وماخلفته هذه الحرب وتأثيرها على الحالة العامة في البلاد، وانعكاساتها القاسية وماخلفته بشكل خاص من معاناة نفسية للمرأة، حيث أن هناك الكثير من النساء اللاتي فقدن أبناءهن وأزواجهن وإخوتهن وأباءهن، ماخلق حالة من عدم التوازن النفسي للمرأة وإنعكس هذا على الأسرة واستقرارها وعلى نفسية الأطفال.
وأردفت السيدة عائشة قائلة: رغم كل هذه المعاناة، ورغم كل هذه الظروف القاسية التي خلفتها الحرب مازالت المرأة السورية صامدة ومقاومة ومناضلة، تتحدى كل الصعاب للحفاظ على أسرتها، وتحقيق مستقبل أفضل لأبنائها ولسورية. المرأة السورية ساهمت في الدفاع عن الوطن في كافة الميادين وستبقى صامدة جنباً الى جنب مع الرجل للدفاع عن الوطن وتحقيق الاستقرار في البلاد والحفاظ على بنية المجتمع.
عضو المكتب السياسي في "الحزب السوري القومي الاجتماعي" طارق الأحمد اختصر الوضع على النحو التالي:
الشعب السوري مرّ بمعاناة قاسية جداً خلال السنوات الماضية، معاناة لا توصف، ولا يوجد أي وصف يمكن أن يعبر عن الآلام التي يعايشها الشعب السوري.
ولكن نحن انتقلنا من حالة الحرب في سورية إلى حالة الحرب في الإقليم، وليست في سورية فقط وقد تتوسع أكثر، المهم أن من يتحدث عن التسوية أو العملية السياسية في سورية نضعه أمام حقيقة أن الحالة السورية معقدة إذا ما أخذنا جملة من التناقضات والتشابكات فنرى أن الحالة السورية بوضعها الراهن وبكل وضوح وبعيداً عن اي حالة لها علاقة بالعواطف أو التشاؤم والتدخلات الإقليمية والدولية هي حالة مستعصية على الحل.
ويضف الأحمد قائلاً: نحن لسنا أمام نهاية الحرب، الآن نحن أمام استعصاء إقليمي حقيقي أما ينذر باستمرارية المناوشات أو الانتقال الى حروب أكبر، في ظل التعقيدات الدولية الحاصلة وخاصة لجهة الولايات المتحدة التي لا نستطيع أن نخمن سياساتها، الوضع الدولي حقيقة في حالة تبدل ومن هنا نرى أن العملية السياسية منفصلة عن الواقع.
ولكن مع كل ذلك هناك تقدم إيجابي كبير جداً، وهي حقيقة فشل إسقاط سورية وليس إسقاط النظام، عملية إسقاط سورية التي كانوا يريدونها فشلت فشلاً تاماً، لكن لابد من الحديث عن كيفية الخروج من النفق، وهل هو بتسوية سياسية، وأين عناصره؟
العملية السياسية منفصلة عن الواقع، وفي الحقيقة هناك تكبير لأحجام صغيرة، وتصغير لأحجام كبيرة ذات قيمة وفاعلة ، وتعبيرات الشعب السوري عن العملية السياسية غير موجودة، وبالتالي نرى أن هناك محاولات لإصطياد مصالح الشعب السوري في هذه الحرب التي تريد أن تنهش سورية، لقد فشلوا في الميدان والآن يحاولون بالسياسة الحصول على ما فشلوا في الحصول عليه بالقوة، وهذا مانراه في لقاءات جنيف وأستانا وغيرها.
أما جمال العساف، العضو القيادي في "الحزب الديمقراطي" المعارض والمقاتل الميداني والفنان الشعبي فيقول:
هذا الوطن وطن الجميع، والكرامة غالية كثيرا، وعندما أكون أنا معارضاً، فأنا أحترم وطني وأحترم أي معارض وطني قوي يرفض أي خطأ من أي جهة كانت، المعارضة ليست مجرد كلمة، بل هي شيء كبير، وهذا لا يعني أن أحمل سلاحي وأعارض وأحارب دولتي وشعبي، أنا أحارب مع دولتي وأكافح الفساد مع وطني، والفساد جزء من الإرهاب ولولا أنه يوجد فساد لما أتى إلينا الإرهاب، لذك نحن نصلح الخطأ، ولكن لا نصلح الخطأ بالخطأ.
ويتابع العساف قائلاً:
نحن نحارب الإرهاب، ونشعر بكرامة وشهامة مع زملائنا ونحن نحارب دفاعاً عن الوطن، نشعر رغم مرارة الحرب بلذة وأتحدث عن نفسي قبل أن أتحدث عن زملائي لأننا ندافع عن وجودنا وعن وجود سورية وعن كرامتها، والذي عانى من ويلات الحرب هو الشعب، سندافع عن وجودنا وعلمنا وستبقى راياتنا خفاقة في السماء.
أما بخصوص دور الفن في ساحات المعارك ودور الكلمة على معنوبات المقاتيلن من الجنود والمتطوعين يقول العساف :
الفن في المعركة كالذخيرة التي ترفع المعنويات عندما تصلك، وهذا يعطي المعنويات العالية في القتال، وزملائي في الجبهات يدعوني دائما حتى نرفع الصوت عالياً في أسمى معاني سورية، ووجه العساف في نهاية حديثه الشكر إلى حلفاء سورية في روسيا وإيران والمقاومة اللبنانية والشيشان، الذين قدموا الدعم للجيش السوري في حربه على الإرهاب.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم
