تمر المرحلة الحالية التي تعيشها سورية بلحظات شديدة الحرج وغاية في الخطورة، وذلك بعد التدخل الأمريكي المباشر في الأزمة مؤخراً على حوامل وتحت ذرائع مختلفة، حيث غاب سياسياً إلى حد ما، ولكن زرع بعض أسافينه في الشمال والشمال الشرقي السوري. ما يعني أنه دخل الأصيل في الحقيقة بعد فشل كل الوكلاء لتحقيق بقايا المشروع الذي تحطم فعلاً، ولكن بشكل غير كامل، نظراً لأن الولايات المتحدة تعتمد دائماً في إستراتيجيتها على خطط متعددة المراحل، تقوم بتحضيرها وتقيمها للجهات المختصة ، أهم مراكز البحوث العلمية والسياسية والإستراتيجية العسكرية، ليتم البناء عليها على شكل خطط أساسية وأخرى إحتياطية.
في الحقيقة يثير الوضع الشبهة في هذه التحركات الأمريكية، التي تخالف كالعادة كل قوانين ومبادىء الشرعية الدولية، التي تحكم العلاقات بين الدول، والتدخل في شؤون بعضها البعض. إذاً الولايات المتحدة كشفت عن وجهها الحقيقي لتعترف بصمت ، ومن خلال تحركاتها بأنها العراب الحقيقي والأول لكل ما يجري.
تجري كل هذه التطورات في ظل تصعيد مريب في الميدان، ما يثير الشك في ملامح المرحلة القادمة، التي قد تودي بالفعل إلى مواجهة إقليمية، قد تتحول الى حرب عالمية تقليدية، بعد أن كانت خلف الستار طوال الأعوام التي خلت. اليوم يتم الحديث الإشاعة عن تفجير سد الفرات، مايعني أن المخطط لايمكن إستكماله دون إحداث كارثة إقليمية تقطع أوصال الدول المحيطة بنهر الفرات، وتعطي المساحة للفصل الجغرافي والديمغرافي الذي من بعده تصبح جغرافيا المنطقة وديمغرافيتها في خبر كان.
فهل تأتي هذه الخطوة في إطار المخطط الأمريكي السري المسمى عملية "أخشاب الجميز؟
وماهي خفايا هذه العملية؟
ومن أين ومتى بدأت؟
وأين يخطط لها أن تنتهي وكيف؟
عملية "أخشاب الجميز" (Timber Sycamore): من السرية إلى العلنية تفاصيل في الحرب السّرية لوكالة المخابرات الأميركية على سورية والمنطقة.. أي رسائل تحملها لموسكو؟
بهذا الصدد يقول عضو المركز الدولي للدراسات الأمنية والجيوسياسية سومر صالح:
استنادا إلى العديد من المصادر الصحفية والإعلامية (كمارتن بيرغر و تشارلز ليستر و جيرمي بين في نيويورك تايمز، إضافة إلى قناة الميادين) جرى مؤخرا الكشف عن تفاصيل في الحرب السرية لوكالة المخابرات الأميركية و السعودية على سوريا، ولكن بداية و قبل الغوص في تفاصيل هذا البرنامج السّري الذي ورد في العديد من التقارير الإعلامية والتلفزيونية, لفتني أمران، الأمر الأول هو تفعيل الولايات المتحدة هذا البرنامج مجدداً في عهد الرئيس ترامب تزامناً مع زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن(15/3/2017)، ويفهم من هذا أنّ السعودية باتت مجدداً رأس الحربة الأميركية في الحرب على سورية في عهد ترامب، ورأينا تطبيقها المباشر في معارك ريف حماه الشمالي والغربي تحت مسمى (وقل اعملوا- صدى الشام) بقيادة "جبهة النصرة" الإرهابية وأحرار الشام الإرهابية، إضافة إلى معارك جوبر و القابون في ريف العاصمة دمشق.
و أردف الخبير صالح قائلاً:
الأمر الثاني هو الدلالة اللغوية للبرنامج ،والتي تشير ضمناً إلى عاموس الذي قال " لست أنا نبياً ولا أنا ابن نبي ، بل أنا راع وجانى جميز"، و هو أحد الأنبياء الاثني عشر الصغار وقد عاصر هوشع و إشعياء وله "سفر عاموس" وفق المعتقدات التوراتية، ولا يبدو الأمر بعيداً عن مخططات الرئيس ترامب لنقل السفارة الأميركية إلى القدس وتحقيق حلم "الدولة اليهودية الصهيونية"، وهنا يتقاطع الأمران في أمرٍ واحد وهو تبني السعودية للمشروع الأميركي/ الصهيوني في الاعتراف بـ"يهودية الدولة الإسرائيلية" من خلال محاولة تدمير سورية الرافضة كلياً لهذا المشروع.
واستطرد الخبير صالح يقول:
الاستخدام المكثف لصواريخ تاو الأميركية في معارك ريف حماة الشمالي بالتزامن مع المشروع الاميركي في المنطقة الشمالية الشرقية في سوريا هي رسائل واضحة لانتقال الولايات المتحدة إلى مرحلة الصراع مع روسيا على سوريا، في سيناريو يحاكي (Operation Cyclone) في أفغانستان بذات الأدوات الإرهابية وذات الدول الإقليمية، وهو ما يضع مسار جينيف وعجلتيه سياقي (أستانة وفيينا) في مأزق، بانتظار ما تؤول إليه نتيجة المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة بالإنابة أو بالأصالة.
وختم صالح قائلاً:
اليوم المشروع خطير ومعقد ويستدعي يقظة شعبية جماهيرية كبيرة في تلك المنطقة خصوصا للمتحالفين مع تركيا والأردن من العشائر العربية هناك، والالتفاف حول الدولة السورية الوطنية والجيش العربي السوري الذي يحارب هذا المشروع بضرب ادواته على الارض مباشرة، وهو ما يحمل الإعلام الوطني والمقاوم مسؤولية فضح هذا المشروع أمام الرأي العام.
إعداد وتقديم: نواف إبراهيم