تتزايد في الفترة الأخيرة الإشتباكات الإقليمية والدولية حدة على مختلف الصعد بما يخص كيفية التعامل مع الأوضاع على الساحة السورية، التي عادت جلها إلى تحت سيطرة الدولة، والحديث عن هذه التشابكات يطول جداً لكن الصورة الأهم هنا والتي تطغى على هذا المشهد هي أن الجيش العربي السوري وحلفائه أعطوا ظهرهم بالكامل لكل هذه التقاطعات والتشابكات الإقليمية والدولية الفارغة التي تخدم أجنداتها الخاصة فقط ليتابع بتسارع كبير وبخطى محكمة عمليات التطهير من المجموعات الإرهابية في كل مكان محققا تنتصارات واسعة، كان أهمها مؤخرا باتجاه جبهة الجنوب والتي جاءت الإنتصارات فيها كمقدمة لتحقيق نصر إستراتيجي من بوابة الجنوب، المنطقة التي كانت ومازلت إلى حد كبير تشكل نقطة المواجهة الأسخن والأخطر مع وكلاء الحرب على سورية وأصلائها الذين ظهروا بشكل علني بأنهم شبكة واحدة وزعت مهامها بشكل متقن ودقيق جدا، ناهيك عن جبهة الشمال التي قد تشهد متغيرات كبيرة جدا، إما من خلال التوافقات الإقليمية والدولية بعد إنهاء معركة الجنوب وإما مصيرها سيكون مصير الجبهة الجنوبية خاصة بعد إعلان إطلاق المقاومة الشعبية ضد القوى المحتلة للأراضي السورية، لتبقى جبهة إدلب الرمق الأخير للثورة السورية المزعومة وكل القائمين عليها فإما الإستسلام والوصول إلى صيغة تفاهم، وإما قوة السلاح هي التي سوف تحكم على أرض الواقع وتحدد مصير إدلب ومن تم تجميعهم فيها عبر السنوات التي خلت من الحرب على سورية.
اليوم من خلال الإجابة عن بعض التساؤلات نحاول تظهير بعض خفايا الميدان السوري في ظل الإنتصارات التي تحاول التنظيمات الإرهابية ومن يرعاها أن تشوش عليها بطرق وأساليب مختلفة للتقليل من أهميتها وإفراغها من مضمونها الذي يعطي الجيش السوري وحلفائه أحقية السير قدماً في دحر الإرهاب والقضاء عليه، وأهم هذه التساؤلات:
الصورة العامة للتحرك الميداني العسكري على الجهات السورية وكيف تسير عملياته في الوقت الراهن وأين يقع مركز ثقل العمليات العسكرية السورية في الوقت الحالي؟
ماهو الأسلوب العسكري التكتيكي الجديد الذي يتبعه الجيش العربي السوري، وهل يختلف التعاطي مع وقائع الميدان بين جبهة وأخرى وخاصة على جبهتي الجنوب والشمال نظرا لاختلاف الإحداثيات والتشابكات في هاتين الجبهتين؟
ماهي العراقيل التي يواجهها الجيش العربي السوري في تنفيذ الخطة العسكرية الاستراتيجية الجديدة التي يتم الحديث عنها وهل تختلف هذه العراقيل بين جبهة وأخرى وكيف يتم التعامل معها؟
إلى أي حد يوجد تخوف حقيقي من أن تتطور المواجهات في الجنوب إلى مواجهة حقيقية مع الولايات المتحدة وإسرائيل كونهما القوتان اللتان تحرك الأوضاع على هذه الجبهة من الجهة المقابلة ضد سير العمليات العسكرية ضد الإرهابيين؟
كيف تؤثر الإنتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري وحلفائه على المسار السياسي بشكل عام؟
بهذا الصدد يقول الخبير العسكري الاستراتيجي اللواء والمحلل السياسي الدكتور محمد عباس:
"لا شك أن الدفاع الإستراتيجي للقوات المسلحة السورية ينفّذ بثقله النوعي الآن على الإتجاه الجنوبي الغربي والجنوبي الشرقي من سورية، ولكن هذا لايعني على الإطلاق أن المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية من سورية لاتحفل بكثير من الأعمال القتالية، وهذا لاينقطع عن بعض الأعمال القتالية التي تنفذ في منطقة حلب حيث تستهدف مدينة حلب بقذائف الحقد من بعض المجموعات الإرهابية المسلحة المتواجدة في محيط حلب، وأعني بذلك المناطق التي ما تزال تتواجد فها الجيوش الأمريكية البديلة فهي فعلاً جيوش أمريكية بديلة مدفوعة الأجر، إذا الثقل النوعي للأعمال القتالية الحربية للجيش العربي السوري هو في الاتجاه الجنوبي الغربي بإتجاه درعا تحديداً وشمال شرق وجنوب شرق السويداء التي تم تطهيرها فجر يوم أمس عندما تمت إستعادة منطقة اللجاة، وهذا يعني أن المنطقة مابين دمشق درعا وطريق دمشق السويداء باتت آمنة وباتت الأمور محكومة بأن الخطوط الخلفية لمؤخرة القوات المسلحة السورية ولمناطق توضع الإحتياطات ومناطق توضع خطوط الإمداد ومحاور الإمداد والنقاط اللوجستية الداعمىة للقوات السورية باتت آمنة اليوم، والتوجه نحو فتح جبهات جديدة يؤمن نجاح الأعمال القتالية المنفذة في هذا المحيط".
وأردف اللواء عباس
"هناك تقاطعات مشتركة بين الجبهة الشمالية في إدلب والحدود التركية والجبهة الجنوبية حيث الحدود الأردنية ومنطقة درعا، هذه النقاطعات تسند إلى وجود عدو واحد وهو العدو الأمريكي الجاسم في منطقة شمال الأردن وجاسم أيضا في المنطقة الجنوبية من تركيا، وهذا العدو الأمريكي يسخر الجغرافيا الأردنية والجغرافيا التركية لتحقيق مصلحته في الجغرافيا السورية بالإستناد إلى بعض أبناءنا الذين سلبت عقولهم وباتو يقاتلون ضد وطنهم مع العدو الأمريكي، والأهم من ذلك من جهة أخرى فإن أبناءنا في مناطق حوران يقاتلون إلى جانب الجيش العربي السوري اليوم بحيث يزودنه بالمعلومات والإحداثيات والمعطيات الإستطلاعبية والدقيقة والفعالة والحينية والتي تعطي تحركات المجموعات الإرهابية المسلحة مايمكن الجيش العربي السوري من تدمير أماكن تحشدهم وتوزعهم وتحركاتهم وطرق نقل الأسلحة والعتاد على الحدود الأردنية، وهذا يقدم الكثير للجيش السوري عندما تصل المعلومات في وقتها وحجينها ليتم التعامل معها في الوقت المناسب، والدولة السورية بدورها توفر لأبناءنا من أهالي حوران كل متطلبات إنقاذهم وتأمين الإجراءات اللازمة لإنقاذهم من المجموعات تحت سيطرة وإجرام المجموعات الارهابية التي تحاول إستخدامهم كدروع بشرية وتعمل على تحريضهم ضد الدولة السورية".
وأشار اللواء عباس إلى أن
"العدو الصهيوني هو المستفيد الأول والمستثمر الأكبر من مايجري في المنطقة الجنوبية، وأعتقد أنه يدرك تماما أنه لن يتورط في الدخول في معركة مباشرة مع الجيش العربي السوري، بل أنه يحذر من أي تصاعد للأعمال القتالية التي يمكن أن تصل إلى حدود منطقة الجولان وهذه الفرصة أعتقد أنها متاحة، لكن الصهيوني ينفذ خططه عن بعد بحيث يقوم بدعم المجموعات الارهابية المسلحة ويشد أزرهم وهذا ماقام به أمس من خلال الإعتداءات على مطار دمشق الدولي ويحاول أن يستثمر بهم أكثر مايمكن، ومن هنا فإن العدو الصهيوني هو في حالة ارتباك وأمام تخوف من تصاعد الأعمال القتالية وإقتراب الجيش السوري، لذا الصهيوني سيفعل كل مابوسعه من خلال دعم هذه الجيوش البديلة المتمثلة بهذه المجموعات الإرهابية لمنع الجيش العربي السوري من تحقيق أهدافه، وبنفس الوقت الأمريكي يبدو أنه أراد الإنسحاب من هذه المواجهة ولايريد الدخول فيها، بالمحصلة الأمريكي من طرفه يسعر الأوضاعو يصب الزيت على النار مع أنه لن يدخل أيضاً في المواجهة وهذا ماعبر عنه البنتاغون في رسالته لجيوشه البديلة من المجموعات الإرهابية المسلحة المتوضعة في هذه المنطقة، الأمريكي يدخل المواجهة، وهو لن يقبل بالهزيمة، وبنفس الوقت سورية وحلفائها لن يقبلوا بإنتصار الأمريكي وهذا هو لب الصراع الآن".
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق
إعداد وتقديم نواف إبراهيم
