وتنشر "سبوتنيك" تسجيلا مصورا لطفل في الخامسة من عمره، يضع حجر الأساس لمنزل يضم أخوته وشقيقاته، وأبويه، والأصدقاء، عوضا عن دارهم الذي فجره تنظيم "داعش" في منطقة الشقق الخضراء الواقعة بالساحل الأيسر للموصل مركز نينوى شمال العراق.
وانشغل الأطفال وبينهم الأخ الأكبر ويدعى "ماجد" الذي أخذ دور المهندس وعامل البناء في آن واحد لتشييد منزل أحلامهم ورص الأحجار الكبيرة التي انتقوها من بلاط مخيم الخازر الذي يؤويهم قرب قرية "حسن شام" شرقي الموصل.
ويحاور ناشط مدني عراقي، خص مراسلتنا في العراق، بالتسجيل المصور، الأطفال عن ماذا يلعبون، ويفعلون، ليخبروه أنهم يصنعون بيتا خصصوا أكبر غرفه لصالة "الاستقبال" لتجمع العائلة واستقبال الضيوف والمناسبات وهي سائدة في كل البيوت العراقية.
وقفزت شقيقتا ماجد في غرفتين صغيرتين، وقالتا إن هذه المساحة للمطبخ، وهذا مطبخ أيضاً- يقابلهما حمامان، وباكتمال البناء سيعشون سوية مع كل الصديقات والأصدقاء زملاء النزوح في المخيم.
وتحولت قفزات وضحكات الأطفال المهندسون الصغار في برعم دارهم البديل عن منازلهم التي فجرها تنظيم "داعش" في الشقق الخضراء بالموصل، إلى خوف ورعب دفعهم إلى الجلوس بوضع "القرفصاء" أحدهم يحتمي بالآخر وأيديهم الصغيرة متشبثة بثياب بعضهم البعض، بسبب مرور طائرة حربية في سماء المخيم — سمعوا صوتها من بعيد.
وقبل وصول الطائرة بقعة المخيم، حرص "ماجد" على جمع الأطفال قربه في زاوية غرفة "المعيشة" أو "الصالة"، ليحميهم من الطائرة التي طالما رصدوا مثلما الكثيرات وهي تنفذ ضربات تستهدف تنظيم "داعش" في نينوى ومركزها.
وبين تجمع الأطفال في لحظة خوفهم — طفلة صغيرة دون سن الثانية من العمر، بشعر قصير، ترتدي بيجامة حمراء — يبرز منها وجه باندا- بكت برعب شديد بسبب صوت الطائرة الحربية عند مرورها.
وواجه الأطفال في نينوى، ظروفا مأسوية أولها حرمانهم من التعليم منذ اليوم الأول الذي طبق تنظيم "داعش" خلافته المزعومة في المحافظة ومركزها الموصل، في منتصف عام 2014.
ولم يحصل معظم الأطفال العراقيين الذين عاشوا الحرب والرعب وشهدوا جرائم تنظيم "داعش" في محافظات "نينوى، الأنبار وصلاح الدين"، على علاج نفسي يخلصهم من آثار الصراع ومشاهد الجثث والدماء والقصف.
والجدير بالذكر، أن تنظيم "داعش" فجر ونهب منازل كل العائلات التي تهرب من سيطرته في نينوى التي شهدت انتصارات كبيرة للقوات العراقية في معركة انطلقت يوم 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وحررت القوات العراقية، في عمليات "قادمون يا نينوى"، أجزاء واسعة من المحافظة والساحل الأيسر لمركزها، بتكبيد تنظيم "داعش" الإرهابي خسائر بشرية فادحة.