وكما ذخر التاريخ بأسماء من هؤلاء المفكرين والعلماء، كان في المقابل ذاخراً بقتلهم ومحاربتهم دون أي تردد.
أبو العلاء المعري، الأديب والشاعر والفيلسوف السوري الملقب "رهين المحبسين" لسببين، الأول فقدانه بصره في صغره، والثاني اعتكافه في المنزل بعد وفاة والدته. تم اتهامه بالزندقة لأنه كان يشكك ببعض عقائد الدين الإسلامي. وكان يشك أيضاً بقضية الوحي الإلهي واعتبر أن الدين هو صنيعة الإنسان.
والأنكى من ذلك، فقد قالت كتب التاريخ في وصف من قاموا برثائه بعد وفاته أنهم جاهلون وضالون على مذهب وطريقة المعري…بل وقالوا إن البعض رآه في منامات سيئة يعذب فيها بشدة.
ولد المعري في مدينة معرة النعمان، شمال سورية، عام 973 ميلادي، واشتهر بآرائه وكتبه، ومن أشهرها "رسالة الغفران" و"اللزوميات". ومن أشهر قصائده "قصيدة تعب كلها الحياة" التي يصور الحياة فيها دون بهرجات.
وهناك المفكر والكاتب والمترجم "أبو محمد عبد الله ابن المقفع" المولود في إيران عام 724 ميلادي. اضطهد المقفع بسبب خلافه مع والي البصرة، معاوية بن يزيد ما دفع الأخير إلى قتله، وتقول كتب التاريخ إن ابن الوالي دبر قتل ابن المقفع لأن الأخير كان يستخف به ويسخر به ومن شكله.
قام بترجمة الحكايات من اللغة الفارسية ومن أبرز أعماله "كليلة ودمنة" الذي يتحدث حكماً على ألسنة الحيوانات.
كما كان لـ"أبو الكيمياء"، جابر بن حيان العالم والكيميائي الشهير نصيباً من السجن والتعذيب وانهى حياته في سجون أحد الخلفاء العباسيين. وكان ابن حيان ملماً أيضاً بعلم المعادن والفلك والفلسفة والصيدلة…اتهم بالإلحاد والزندقة لأن أعماله استندت على حقائق علمية كانت مخالفة للمعتقدات السائدة في زمنه حيث كان يعتقد أن المعادن الرخيصة يمكن تحويلها إلى معادن ثمينة عبر الطلاء أو عبر السحر، بينما اعتمد هو على العلم فاكتشف علم المعادن، كما قام بترجمة عدد من المؤلفات إلى لغات عدة من أشهرها كتاب "الرسائل السبعين".
ومن لا يذكر الوليد بن أحمد بن رشد، أحد أهم أعلام الفلاسفة المسلمين. عرف في الغرب باسم "أفيروس" ولد في الأندلس عام 1226. واتبع المذهب المالكي لتفسير الفقه. وقد عرف بشروحاته لكتب أرسطو وتصحيح نظريات الفلسفة لسابقيه.
وبخلاف المبدأ السائد في عصره، كان يؤمن بعدم وجود تعارض بين الدين والفلسفة في وقت كان الفلاسفة فيه يؤمنون بالفصل بينهما.
تعرض للاضطهاد بسبب مكيدة دبرت له، وتم نفيه إلى أليسانة في الأندلس، وأحرقت كتبه، كما حرم حاكم البلاد وقتها (المنصور) المسلمين من قراءة كتب الفلسفة. وتطول القائمة في التاريخ ولا تنتهي عند هؤلاء العلماء والمفكرين