وتسلط "سبوتنيك" الضوء على حب العراقيين لبلادهم وأمنياتهم وجهودهم الرامية لوحدتهم التي يقاتلون لأجلها للقضاء على الإرهاب وتحرير الإنسان منه قبل الأرض، ومنها مبادرة "هلا بيكم" التي أختارها أبناء محافظة ميسان بلهجتهم الجنوبية ذات المفردات السومرية.
واستقبل أهالي ميسان ومركزها العمارة — في جنوب العراق، شباب الموصل من مختلف مناطقها بحفاوة وكرم وضيافة على الطريقة التقليدية الشهيرة للميسانيين الذي أسسوا المبادرة نبذا ً للطائفية وكل الصور السيئة والأفكار المغلوطة التي حاول "داعش" الإرهابي خداع الناس بها وتفريقهم بالكره، بإبعاد مكون عن أخر.
وتحدث لمراسلتنا، شباب ميسان المنظمون للمبادرة، ومنهم أحد أبرز الناشطين في المحافظة، الشاب مجيد، قال لنا: نحن نحاول توظيف العادات الاجتماعية التي ترتكز على الترحيب بالضيوف وإكرامهم في استذكار الترابط والتآزر بين شباب مدينة الموصل الذين صبروا على أذى المجموعات الإرهابية طيلة الفترة الماضية مع إخوتهم العراقيين في المحافظات الوسطى والجنوبية، هلا بيكم بالعمارة..هلا بيكم بالبصرة، هلا بيكم بالسماوة، والناصرية، والحلة، والديوانية، والنجف، وكربلاء، والعاصمة بغداد.
وأضاف مجيد، إذ نسعى في هذه المبادرة إلى انتقاء 1500 شاب من مدينة الموصل وبالتحديد الشباب الذين لم تتسنى لهم فرصة مغادرة المدينة بعد سيطرة المجموعات الإرهابية على مدينتهم "في منتصف عام 2014"، والذين تتراوح أعمارهم بين 20- 35 سنة، ونعمل على استضافتهم في محافظات الوسط والجنوب في فعاليات اجتماعية هادفة تعزز أواصر الحب والإخاء بين الشباب العراقي، التي حاول الإرهاب تكسيرها.
انتقاء 100 شاب موصلي مؤثر لكل فعالية، ونذهب بسفرة ترفيهية إلى المحافظات الجنوبية — الرحلات لشباب الموصل المدينة التي كانت قبلة السواح سابقا ً لجمالها واعتدال جوها وربيعها المزدوج، بالإضافة إلى ما تحويه من ملامح أثرية وتاريخية دمرت أغلبها على يد "داعش" الإرهابي.
وأوضح مجيد، كل مجموعة من الشباب الموصلي، تذهب لمحافظة معينة وسيقوم شباب تلك المحافظة باستقبال الوافدين على الطريقة الفلكلورية و التراثية العشائرية في المضايف أو الأهوار وحسبما توفره بيئة المدينة وتراثها.
وأيضا ً تتيح المحافظات في وسط وجنوب العراق، سفرات ومجموعة من الجلسات الثقافية والفنية يشارك فيها شخصيات من الوافدين من الموصل، والمستضيفين كنوع من التبادل الثقافي.
ومثلما تابع مجيد، وتقام منصة حرة لرواية القصص الفردية التي عاشها الأفراد المتضررون من الإرهاب سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويتم توثيق هذه اللحظات من خلال تصوير الأفلام الوثائقية.
وفي ختام الرحلة، أقام أهالي ميسان، حفلة توديع وتوزيع الهدايا التذكارية والمسابقات الرياضية والفكرية لشباب الموصل، ومنها سيذهب أبناء الجنوب إلى مركز نينوى، بعد الخلاص من "داعش"، لرد الزيارة ولقاء نشاطيها الذين استضافتهم المحافظات الجنوبية وأولها ميسان.
جهته أوضح الناشط من ميسان والمشاركين في حملة "هلا بيكم للعمارة"، الشاب حمزة قاسم، في حديث لمراسلتنا، إن فريق الحملة متكون من شباب العمارة وبغداد والموصل والكل تحت صفة عضو، ولكل شخص مهمة يقوم بها لخدمة هدف المشروع السامي وهو الحفاظ على النسيج الوطني العراقي من كل متطرف أو إرهابي حاول زرع التفرقة بين أبناء البلد الواحد.
وألمح قاسم، إلى أمر هام — هو "البعض ممكن يفكر أن حملة وطنيه كبيرة مثل حملتنا مكونة من عدد كبير جداً من المتطوعين، لكن صراحة أعدادنا قليله جداً، فمن يعمل بصدق ونزاهة صباحاً مساءاً هم الأعضاء الحقيقيون للحملة ولا يوجد أي دعم حزبي أو سياسي أو غير ذلك — الحملة شبابية ووطنية".
وعلى طول الرحلات في ميسان، غنى الشباب من الجنوب والموصل، الأغاني الوطنية العراقية الحديثة، ومنها مقطع رددوه كثيرا ً من أغنية الفنانين قيس هشام، وأحمد المصلاوي، وهي: حبنا الأكبر..التي تقول كلماتها "يا عراق ترجع شيء أكيد بحيلك ويضحك نهارك يا وطن ويا ليلك".
وأخذ الميسانيون، شباب الموصل، إلى أبرز معالم المحافظة ومنها للكنيسة الأثرية "كنيسة أم الأحزان"، ولمضايف الكرم والجود للعشائر العريقة، وللأهوار المحمية من قبل التراث العالمي لجمالها الساحر الذي منح المدينة تسمية "فينيسيا الشرق" لبيوتها العائمة فوق مستنقعات مائية بنقاوة وصفاء 100%.
وبث الشباب الموصليون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها فيسبوك، صورا ً لرحلتهم الشيقة ذات المردود الكبير للعراق الذي عانى الويلات من التطرف والتفرقة والطائفية في السنوات القليلة الماضية.
وعلمت مراسلتنا من شباب ميسان، أن وزارة النقل لها دور كبير في إنجاح المبادرة، بتكلفها نقل الناشطين الموصليين منن الموصل إلى العمارة وبالعكس، وكذلك الكرم الذي أظهرته دائرة صحة ميسان ودار الضيافة النفطي، وفندق ومنتجع جنة الجنوب للحاج عبد الساعدي الذي تكفل بإسكان ٢٥ شاب من أصل 100 ناشط موصلي..
وساهمت شركة نفط ميسان، في النقل الداخلي في محافظة، والحفل الختامي لمبادرة "هلا بيكم للعمار"، مع وجبة عشاء تمت بمساهمة (شركة سينوك الصينية العاملـــة في حقول نفط ميسان (البزركان)، و المصرف التجاري العراقي TBI).
وتشهد الموصل المدينة التي أراد تنظيم "داعش" عزلها عن العراق بتدميرها ومحو تاريخها بتدمير ثيرانها المجنحة وأثارها ومراقد الأنبياء والشخصيات القديمة، عمليات تحرير متقدمة للقوات العراقية منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2016، وحتى اللحظة.