ولفت هاشم إلى أنه في الطبقة الأولى من الأهداف الإسرائيلية، تتمظهر تطلعات إسرائيل المريرة للحد من الاندفاعة السورية اللبنانية المتأخرة بفعل التآمر الغربي، لاستثمار ثرواتهما الغازية البحرية مستفيدين من تفاهمات معقدة نسجتها روسيا مع أحد الجناحين الغربيين المهيمنين على شطآن الأطلسي.. الحفر أعمق في الأهداف، يكشف عن أحدث الخيبات في إسرائيل والخليج العربي، من مآلات معركة الطاقة التي يخوضونها بمعية الجناح الغربي الآخر… على حد وصف الكاتب السوري.
ومضى الكاتب قائلا: المعادلات الداهمة لقناطر الطاقة البديلة شرق المتوسط، كانت تفاقمت إثر النجاح الروسي مطلع القرن الحالي بوضع سلسلة من إشارات الـ"بلوك" أمام النسخة الأولى من أنابيب "نابوكو" التي استمات الغرب لإنشائها وصلا لمكامن بحر قزوين بدول أوروبا، لينجح تاليا، وعبر سلسلة غاية في التعقيد من التحالفات العسكرية والدبلوماسية، بإضافة "بلوك" أخرى على طرق الإمداد البديلة من الخليج مرورا بالجغرافية "السورية العراقية" فالتركية.
واستدرك هاشم: مؤخرا، ومع وأد الجيشين السوري والعراقي وحلفائهما الأحلام الغربية باجتزاء ممرات جغرافية لتمرير الغاز الخليجي نحو أوروبا في سياق المعركة الغربية ضد نفوذ الغاز الروسي في أسواقها، انطلقت سلسلة بدائل اضطرارية متصورة لمساراتها، في إحداها، ذهب الغرب ومن أمامهم حلفاءهم في الخليج، إلى شق طريق إسعافية بمسمى "السيل الأبيض" لدفق الغاز الإسرائيلي والخليجي والمصري، كخصم للروسي، عبر محطات تجميع لوجستية تنطلق من حيفا نحو قبرص، اليونان وإيطاليا، فبقية أوروبا. على حد تصور الكاتب السوري هاشم.
وأضاف في مقاله:
الطبيعة المستعجلة لمسارات "السيل الأبيض"، اصطدمت بنكول قطري أعقب عملية "التسييل" الروسي اللافت لبوصلة الإمارة بعد استدراجها، ومن خلفها، إلى شراكات عميقة تم تمريرها عبر قنوات "روس نفط" عملاق الطاقة العالمي، كما اصطدمت بفشل الحرب التي تم شنّها من أبو ظبي والرياض على اليمن الذي تكتنز حدوده المشتركة مع سلطنة عمان شرقا والسعودية شمالا، القسم الأكبر من الثروات الغازية جنوب الربع الخالي… على حد قول الكاتب.
سلطنة عُمان التي ترزح تحت شعور عميق بالغبن الصامت، كانت قد أُخرجت مبكرا من لعبة الحقول الغازية إثر لعبة شيطانية مررتها الشركات البريطانية بالتآمر مع النظام السعودي، نجم عنها ترسيم لصوصي لحدودها وسرقة موصوفة لغازها..
وتطرق الكاتب في مقاله إلى أن الغاز المصري قائلا: أضاف حقل "ظهر" البحري أبعادا جديدة لحضوره في لعبة الطاقة، وعقب سلسلة من الإغراءات والتهديدات الإسرائيلية / السعودية لزج مكتشفاته الجديدة في أنابيب "السيل الأبيض"، برزت سلسلة مقابلة من التفاهمات الروسية المصرية كـ"بلوك" صدّ كلله استحواذ "روس نفط" على حصة مناسبة من "إيني" الإيطالية صاحبة الامتياز والاكتشاف في "ظهر"، وبالفعل، لم تتأخر مصر عن الانسلال من معادلة "السيل الأبيض" والاكتفاء بتوجيه المكتشفات الجديدة نحو الاستهلاك المحلي، لتبلغ أحلام البعض في إسرائيل والسعودية منتهاها مجددا… على حد وصف هاشم.
وخلص الكاتب السوري إلى أنه وفق هذه السلسلة المتراكمة من الفشل، يرزح الغاز الإسرائيلي اليوم تحت ضغط الفشل، وما المعركة القصيرة التي خاضتها إسرائيل على تخوم "البلوك 9" اللبناني، سوى انعكاس فرويدي لما يساوره من يأس حيال زحزحة المعادلات الطاقوية الآخذة بالتجذر شرق المتوسط، بما فيها التحالف "الروسي/ الفرنسي/ الإيطالي" في لبنان!!…
وختم الكاتب مقاله قائلا: لا يبني المرء قناطر الغاز ما لم تتوافر موارد مضمونة لضخها، هذه البديهية يمكن استلهامها للتيقن من أن أنابيب "السيل الأبيض" قد دفنت جنينا خرائطيا في مياه المتوسط، وأن التواطؤ الخليجي لبيع القدس ضمن "صفقة قرن" تستدعي التطبيع "الخليجي الإسرائيلي"، كشرط موضوعي لتمرير أنابيب الغاز، كان مجانيا بالكامل! على حد وصف الكاتب السوري علي هاشم.