المغرب مهدد بفقدان أكثر من نصف محاصيله من الحبوب.. ما تأثيرات الأزمة؟

عرف المغرب سنة جافة غير مسبوقة منذ نحو 4 عقود، الأمر الذي ينذر بنقص كبير في الحبوب والمحاصيل الزراعية هذا العام.

يمثل القطاع الفلاحي في المغرب قرابة 13 % من الناتج الإجمالي الخام بالمغرب، فيما تبلغ المحاصيل الزراعية قرابة 80 ألف قنطار في السنوات الممطرة.

وتوقع محمد صديقي، وزير الزراعة المغربي أن تخسر بلاده أكثر من نصف محصول الحبوب بسبب الجفاف الذي تشهده البلاد بصورة غير مسبوقة منذ فترة كبيرة.

وقال وزيرة الزراعة المغربي لأعضاء البرلمان إنه تم زراعة نحو 3.5 مليون هكتار بالحبوب هذا العام، كانت نسبة زراعات القمح منها هي 44 %، إضافة إلى الحنطة والشعير، مضيفا: "لكن لا يوجد إلا 21 %من نسبة زراعات الحبوب بحالة جيدة".

وفي وقت سابق أعلن الديوان الملكي المغربي، أن المملكة ستنفق عشرة مليارات درهم (1.07 مليار دولار) على خطة وطنية لتخفيف آثار الجفاف على المزارعين والاقتصاد، بعد تأكد تأخر الأمطار وتأثيرها على الموسم الفلاحي.

وبحسب بيان الديوان الملكي، "تستهدف الخطة إدارة المياه ومساعدة المزارعين والتأمين الزراعي وتمويل عمليات تزويد السوق بالقمح وعلف الماشية"، بعدما دفع ارتفاع الأسعار الملحوظ، نشطاء مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي للاحتجاج بإطلاق هاشتاغ "لا لغلاء الأسعار في المغرب".

أرقام وبيانات

من ناحيته قال أوهادي سعيد الخبير الاقتصادي المغربي، إن الموسم الحالي يعتبر أسوأ سنة منذ 41 عاما بشأن نسبة الجفاف، إذ يمثل القطاع الفلاحي بالمغرب قرابة 13% من الناتج الإجمالي الخام، ويساهم بحوالي 40% من اليد العاملة أغلبها موسمية.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن سنوات الجفاف يصل فيها المحصول الزراعي لحدود 30 ألف قنطار، بينما في السنوات الماطرة يناهز قرابة 80 ألف قنطار.

وبشأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المغربية، أوضح سعيد أنها تمثلت في إطار برنامج استثنائي للتخفيف من الأثر السلبي على الفلاحين، عبر تخصيص 10 ملايين درهم لدعم الفلاحين ومالكي الماشية.

تساقطات جديدة

وأشار إلى أن التساقطات المطرية الأخيرة والمستمرة خلال الأيام الماضية توحي إلى إمكانية تعويض إنتاج الحبوب، بزراعات ربيعية وتراجع للانخفاض المهول لأثمنة الماشية في ظل وفرة المراعي، لافتا إلى أن الحكومة ملتزمة بتحمل مسؤوليتها في مساعدة المتضررين، وتوفير المواد الضرورية، رغم ارتفاع الأسعار والتأثير السلبي على عجز الميزانية.

ويرى الاقتصادي المغربي أن الحكومة المغربية قادرة على تجاوز هذه الأزمة بإجراءات تقليدية تتمثل في دعم الفلاحين من جهة وتوفير المواد الفلاحية الضرورية في الأسواق من جهة أخرى.

تغير نمط الاستهلاك

ضمن التأثيرات الظاهرة على المشهد في المغرب إثر الجفاف وارتفاع الأسعار تتمثل في تغيير نمط الاستهلاك للمغاربة خاصة في شهر رمضان الذي دائما ما يعرف زيادة في الطلب، لكن المؤشرات تشير لتراجع المعدل المعتاد، بحسب الخبير.

في الإطار نفسه، قال عبد العزيز الرماني الخبير الاقتصادي المغربي، إن الجفاف بالنسبة للمغرب وبعض الدول بشمال أفريقيا أصبح بنيويا وهيكليا رغم تباين درجات الجفاف. مضيفا في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن عرف تقدما بشأن تأمين المياه من خلال مضاعفة أعداد السدود.

وأشار إلى أن مستوى الجفاف تراجع بعد نزول الأمطار مؤخرا، وأنها تنقذ ما يمكن إنقاذه، لافتا إلى أن عمليات الأمن الغذائي ترتبط بالأزمة العالمية إثر تداعيات الأزمة الأوكرانية، خاصة أن المغرب يستورد الكثير من الحبوب من روسيا وأوكرانيا.

من ناحيته قال البرلماني المغربي السابق جمال بنشقرون، إن الزراعة في المغرب تعتمد بشكل أساسي على مياه الأمطار، وأن تأخر تساقطها خلال العام الحالي والجفاف أثر بشكل كبير على محاصيل الحبوب.

تدخل الحكومة

وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن الأزمة تتطلب تدخل الحكومة بشكل عام من أجل توفير نسبة العجز، وتوفير السيولة المالية الكافية وتخفيف أعباء الأزمة الراهنة.

وبحسب البرلماني السابق، أن عدم ترشيد استهلاك مياه الري يمثل أزمة أخرى تضاعف من تأثيرات الجفاف. وأشار إلى أن ارتفاع أسعار المحروقات انعكس على كافة القطاعات، وعلى أسعار السلع والخدمات بشكل عام.

ويواجه المغرب نقص مياه الري والشرب بسبب توالي مواسم الجفاف وتراجع نسب الأمطار، حيث سجلت نسب ملء السدود الكبرى في المغرب تراجعا كبيرا وبلغت نسبة تراجع موارد الماء 59 %، وتراجعا في نسبة ملء السدود 34 %، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر مبكرا، طبقا للرؤية التي تحدث عن تراجع كبير عام 2050.