خبراء: العلاقات المصرية الفرنسية ستتوطد خلال فترة رئاسة ماكرون الثانية

مع إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية، مساء أمس الأحد، والتي فاز بها الرئيس الحالي، إيمانويل ماكرون، بفترة رئاسة ثانية لمدة خمس سنوات، برز تساؤل عن شكل العلاقة المستقبلية بين مصر وفرنسا خلال ولاية ماكرون الثانية، خاصة وأن العلاقات بين البلدين شهدت تطورا كبيرا ولافتا في عدة مجالات خلال ولاية ماكرون الأولى.

وخلال الخمس سنوات الأولى، لحكم ماكرون، بلغت الاستثمارات الفرنسية في مصر نحو خمسة مليارات دولار، كما عقدت مصر مع فرنسا عدة صفقات عسكرية ضخمة، حصلت بموجبها مصر على طائرات رافال الفرنسية، كما توافقت مواقف البلدين في العديد من القضايا، أبرزها التوترات في شرق المتوسط، والأزمة الليبية وغيرها.

وفي حديث مع "سبوتنيك" يرى رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور أحمد قنديل، أن "تولي ماكرون لفترة رئاسة ثانية يساعد على توطيد العلاقات المصرية الفرنسية في المستقبل".

ويقول إن "هذا على خلاف منافسة ماكرون، ماريان لوبان، التي كانت لها توجهات يمكن أن تؤثر على العلاقات المصرية الفرنسية التي توطدت خلال رئاسة ماكرون الأولى".

ويوضح قنديل أن "مصر لها علاقات سياسية واقتصادية قوية للغاية مع فرنسا، وخلال فترة ماكرون عقد البلدان عدد من الصفقات المهمة لتسليح الجيش المصري خلال فترة رئاسة ماكرون الأولى، أيضا كان هناك توافق سياسي كبير حول الأوضاع في ليبيا وشرق المتوسط، وساهمت العلاقات المصرية الفرنسية في تعزيز الأمن والاستقرار في شرق المتوسط، وبالتالي سيحدث استقرار في هذه العلاقات خلال الفترة الثانية لرئاسة ماكرون".

وحول احتمالات أن تؤثر سياسية مصر من الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي تختلف عن مواقف واشنطن وأوروبا، يقول قنديل: "لا أعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد تقليلا بالعلاقات المصرية الروسية بناء على رغبة فرنسا أو أوروبا بشكل عام، خلال هذه الأزمة [الروسية – الأوكرانية]".

ويضيف: "مصر اعتمدت على سياسية متوازنة، وفرنسا متفهمة للموقف المصري في هذه الأزمة. مصر تربطها علاقات قوية بروسيا، ولن تقيم مصر علاقاتها بروسيا على أساس الرؤية الفرنسية، فكل دولة لها مصالحها، ولها أولوياتها التي يجب أن تحافظ عليها وأعتقد أن هناك احتراماً متبادلاً بين مصر وفرنسا في هذا الأمر".

ولفت قنديل إلى أنه "يمكن أن يكون هناك لمصر وفرنسا دور في الفترة المقبلة لتعزيز التعاون في مجال الطاقة خاصة فيما يتعلق بالغاز، للمساهمة في حل أزمة الطاقة في أوروبا، خاصة إذا قطعت روسيا إمدادات الطاقة عن أوروبا، أعتقد أن هذا سيكون جانباً هاماً في العلاقات المصرية الفرنسية، والأوروبية بشكل عام".

في السياق ذاته، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، إن "الحكومة المصرية تمتعت بعلاقات متميزة مع فرنسا لفترة طويلة، خاصة خلال فترة رئاسة إيمانويل ماكرون الأولى، وتمثل ذلك في زيادة مبيعات السلاح الفرنسي إلى مصر، ودفع فرنسا للتنمية الاقتصادية في مصر في مجالات متعددة".

وأضاف السيد: "من ناحية أخرى، الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يذكر للرئيس ماكرون أنه اتخذ موقفا معتدلا من قضية حقوق الإنسان في مصر، فبالرغم من إشارته إلى أهمية احترام حقوق الإنسان، إلا أن ملف حقوق الإنسان لم يكن عائقاً أمام تطور علاقات البلدين"، مؤكداً: "لذلك أتصور أن التعاون سيستمر بينهما خلال الرئاسة الثانية لماكرون، وخصوصاً في وقت لم تنجح فيه الحكومة المصرية في إذابة الجليد مع الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، على عكس العلاقات في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب".

وحول مواقف البلدين من الأزمة الأوكرانية، يقول أستاذ العلوم السياسية: "مصر ليست هي الدولة الوحيدة التي تحاول أن تبتعد عن موقف واشنطن من الأزمة الروسية الأوكرانية، في الحقيقة هذا موقف أغلب الدول الأفريقية والآسيوية، على الرغم من أنها لا توافق على العمل العسكري لحل النزاع بين روسيا وأوكرانيا، إلا أنها ترغب بالحفاظ على علاقة طيبة مع روسيا الاتحادية ولا توافق على فرض العقوبات ولا تسيس هذا النزاع، واستخدامه أداة لملاحقة روسيا في المنظمات الدولية".

ويؤكد: "أعتقد أن فرنسا تتفهم هذا الموقف، والرئيس الفرنسي نفسه حاول أن يبقي الأبواب مفتوحة مع الرئيس الروسي والاتحاد الروسي، أعتقد أن فرنسا تتفهم هذا الموقف ولن يكون عائقاً أمام تطور العلاقات بين البلدين".

يذكر أنه خلال فترة رئاسة ماكرون الأولى، أجرى زيارتين رسميتين إلى مصر، في عام 2016، وعام 2019، كما شارك كضيف شرف في حفل تدشين أعمال توسعة قناة السويس في أغسطس/ آب 2015، كذلك زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي العاصمة باريس في 2017، وعام 2021.