"خطة إجلاء المدنيين".. هل أعطت أمريكا نتنياهو الضوء الأخضر لاجتياح رفح؟

في الوقت الذي ترتفع تحذيرات المجتمع الدولي لإسرائيل من اقتحام مدينة رفح عسكريًا، لا تزال الإدارة الأمريكية تتحدث عن خطة إجلاء السكان المدنيين قبل تنفيذ أي عمليات عسكرية.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في لقاء مع بيني غانتس، إن إسرائيل عليها أن تعد خطة لإجلاء السكان المدنيين من مدينة رفح قبل أي عملية عسكرية محتملة.

وأشار بلينكن كذلك إلى ضرورة صياغة إسرائيل "لخطة إنسانية موثوق بها وقابلة للتنفيذ قبل أي عملية عسكرية كبيرة في رفح، نظرا لوجود مخاطر على السكان المدنيين".

وطرح البعض تساؤلات بشأن تصريحات وزير الخارجية الأمريكية، وإمكانية اعتبارها ضوءا أخضر أمريكيا لإسرائيل من أجل اقتحام بري لمدينة رفح.

دعم كامل

اعتبر أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، أن الموقف الأمريكي تجاه الصراع العربي الإسرائيلي واضح، ويخطئ من يظن أن الولايات المتحدة تغيرت بين عشية وضحاها، نحن نتحدث عن 75 عامًا من كافة أشكال الدعم العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية والأمنية لإسرائيل وهو ما لا يمكن أن يتزحزح.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الموقف الأمريكي من أحداث 7 أكتوبر برز في تصديق الرواية الإسرائيلية والتي كانت كاذبة في مجملها، حيث ظهر فيما بعد أن ما تحدثت عنه وسائل الإعلام حول جرائم وإعدامات ميدانية بحق المدنيين الإسرائيليين، وكذلك اغتصاب النساء كان كذبًا، بيد أن الإدارة الأمريكية لا تزال تردد هذه الروايات وتتحدث بشكل حاد تجاه القضية الفلسطينية والشعب.

وقال إن بلينكن زار المنطقة عدة مرات ولم يغير من وجهة نظره، فيما تحدث عن حل سياسي ورغبة في حل الدولتين كبضاعة رأي باتت مكشوفة، وأصبح لا ينطلي على الجميع كل الادعاءات والصياغات والأفكار الأمريكية، التي تتحدث بصوت عقل إسرائيلي بامتياز، مؤكدًا أن تصريحات بلينكن لغانتس يوضح الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، وموقفها الداعم للاحتلال والذي يرفض وقف إطلاق النار حتى تنتهي حكومة إسرائيل من تنفيذ مهمتها في غزة بشكل كامل، وتحديدًا في رفح.

واعتبر أسامة شعث أن إدارة بايدن في حالة مزدوجة من الفضيحة والعجز، لكنها ما زالت تطلق الشعارات برغبتها في وقف إطلاق النار والتخفيف عن المدنيين ومنع قتلهم، فيما لا تزال تدعم إسرائيل، مؤكدا أن واشنطن وإذا كانت تريد مساعدة فلسطين، عليها وقف إطلاق النار، وبعدها تتحدث عن المسائل الإنسانية الفلسطينية وإدخال المساعدات برا بدلا من إسقاطها جويًا.

وأوضح أن استخدام الإدارة الأمريكية بحق النقض الفيتو ضد مشروعات قرارات لوقف الحرب، يعكس مدى التحام موقف واشنطن مع موقف إسرائيل بشكل كامل، ودعم في كافة النواحي، مؤكدًا أن أمريكا جزء من المعركة وشريكة فيها، ولا تريد لحكومة نتنياهو أن تهزم.

وأنهى أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، حديثه قائلًا: "على العكس الرغبة الأمريكية، فشلت إسرائيل وانهزمت على المستوى الأخلاقي والعسكري، حيث فشلت في تحقيق أي من أهدافها، أو تحرير أسراها، والإدارة الأمريكية هنا لا تريد إخراج إسرائيل بصورة المهزوم، حيث تدعم نتنياهو في استمرار الحرب لكنهم في الوقت نفسه يطالبون بتخفيف العمليات العسكرية".

تواطؤ أمريكي

بدوره اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني، فادي أبو بكر، أن تصريحات بلينكن تدل على مدى التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل في حربها على قطاع غزة.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الضغوط المتخيّلة التي مارستها الولايات المتحدة على إسرائيل تمت من خلال أدوات مستهلكة، ولإرجاعها إلى المحادثات الطويلة والمعقّدة بطبيعتها ليس أكثر من ذلك.

ومضى قائلًا: "قلب بايدن وبلينكن مع إسرائيل لكن رؤوسهما في الحسابات السياسية وتصريحاتهم الخبيثة هي ترجمة لتخوفهم من خسارة أصوات العرب والمسلمين في الانتخابات الأمريكية المقبلة، فيما يتشابه هذا التصريح في مضامينه المدللة على مدى التواطؤ مع الكيان الإسرائيلي بتصريح بلينكن السابق، الذي أكّد فيه أن رؤية واشنطن تشمل رفض التهجير القسري للمدنيين في غزة.

واعتبر أبو بكر أن ما يجري على الأرض عمليًا هو لجوء عدد كبير من سكان قطاع غزة إلى الهجرة طواعيةً، بفعل الدمار الكبير الذي لحق بكل مقومات الحياة الآدمية في القطاع.

ضوء أخضر

فيما اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني، حسام الدجني أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بشأن رفح، هو التفاف ناعم على مطالب المجتمع الدولي عموما والمجتمع الأمريكي على وجه الخصوص.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، من المفترض أن المجتمع الدولي يجمع على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ووقف المجازر بحق الفلسطينيين.

ويرى الدجني أن تصريحات بلينكن هي ضوء أخضر لاجتياح رفح، وممارسة جرائم إبادة جماعية مغلفة بطابع إنساني عنوانه إجلاء المدنيين، وكأن الإدارة الأمريكية تظهر نفسها أنها لا تعلم أن لا مكان آمن في غزة.

وأكد وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أن الولايات المتحدة لا تنكر "حق إسرائيل في منع تكرار الهجمات الإرهابية" على غرار ما حدث في 7 أكتوبر الماضي، وأنها تؤيد الخطوات "لتحقيق السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء".

وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، مساء أمس الثلاثاء، أنها عدلت صياغة مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي بشأن الحرب في غزة، وأنها "تدعم وقفًا فوريًا لإطلاق النار لمدة 6 أسابيع تقريبًا، والإفراج عن جميع المحتجزين".

وأوردت قناة "الشرق" الصيغة الأولى لمشروع القرار الأمريكي تأييدًا "لوقف مؤقت لإطلاق النار، كما تريد الولايات المتحدة أن يكون أي دعم من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار مرتبطًا بالإفراج عن المحتجزين لدى حماس في غزة".