نالت العلامات بتفوق ولكن شظايا الإرهاب حرمتها من تحقيق حلمها بدراسة الطب

كثيراً ما حلمت أن أصبح طبيبة مشهورة، ما أتمناه هو أن أساعد الناس من خلال معالجتهم ومداواة جروحهم، وبعد إصابتي في الحرب زادت رغبتي في الاستمرار في العيش ومتابعة الطريق، رغم أنني فقدت حلمي في أن أصبح طبيبة.

روان العباس فتاة يافعة حصلت على العلامات التامة في الشهادة الثانوية الفرع العلمي، فنالت الدرجة الأولى على محافظة حمص، مما أهلها أن تتدخل كلية الطب لتحقيق حلم طفولتها، ولكن الحلم ما لبث أن تبدد بعدما فقدت عينها نتيجة عمل إرهابي في محافظة حمص.

تقول روان لمراسل "سبوتنيك"، كنت عائدة مع أصدقائي للمنزل…قررت أن أشتري المريول الأبيض الخاص بطلاب الطب فهو حلم الطفولة…بعدما اشتريته وقفنا أمام محل لبيع العصير والحلويات فكان قدري الذي لا مفر منه وهو إصابتي وفقداني عيني…

تكمل روان،  لم أستطع أن أعلم مالذي حدث حولي، فكل ما أتذكره هو صوت قوي جداً، استيقظت بعدها على صوت بكاء والدتي…

تقول روان عن الحادثة: كان هناك أطفال يلعبون،  ولم أدر ما حدث وقتها، ولم أدر ماذا فعلنا نحن ليستهدفنا الإرهاب بسيارات مفخخة تخترق أجسادنا الصغيرة، ولكن أتذكر أنني سألت على مريولي الأبيض الذي حرمت من ارتدائه.

روان بيّنت أنها لحظة استيقاظها من البنج في المستشفى أخذت تقول لمن حولها من أطباء وأهلها "ارفعوا الضماد  عن  عيني"، لم تكن تدري ما حدث لها بعد، لتسمع في صباح اليوم التالي طبيبتها بجانبها تقول: "هل علمت  روان ما حدث لها"، فعلمت وقتها بما حدث وتضيف اعتقدت وقتها أن جزءا بسيطا فقدته من جسدي، ولكن تضايقت عندما أخبروني بأن عيني فقدتها بشكل كامل ولا يمكن أن يعود لي النظر.

روان العباس

© Sputnik

روان عادت إلى الجامعة، اليوم، بعدما تمكن الأطباء وأهلها من زرع الأمل في نفسها… ولكن لم تعد لتكمل الفرع الذي حلمت به بل عادت لتدرس اللغة الفارسية، وذلك بمساعدة والدتها التي ترافقها إلى الجامعة كل يوم.

وتضيف روان: "منذ عودتي إلى  الجامعة وأنا أمارس حياتي الطبيعية بشكل عادي…وتخرج مع أهلها في المناسبات وتتسلى مع صديقاتها وأبناء عمها، ولكن ما يحزنها هو عدم قدرتها على الرؤية…لذلك قامت بخلق الجو الخاص بها من خلال رسم الصور والخيال بذهنها…

تقول روان: عالمي الخاص أجمل بكثير فهو عالم خالي من الإرهاب والقتال ومن الدم والرصاص…فكل ما أتخيله جميل مملوء بالسعادة والنجاح…نحن البشر طغى علينا الشر فأصبحنا نقتل بعضنا البعض…فالكثير من الأمهات فقدن أولادهن الصغار بمجرد أنهم عاشوا في زمن الحرب والكثير من النساء فقدن أشقاءهن وأزواجهن لأنهم شاركوا بلعبة الحرب…

تختم روان سأتابع حياتي رغم العجز الذي يراه الكثير من الناس نقطة سلبية في حياتي…فأمنيتي اليوم أن تعود سوريا، مثلما كانت في السابق، خالية من دنس الإرهاب الذي يحاول زرع الشر والحزن في نفوس الأطفال.