فيما تعالت صيحات من مؤرخين ورموز الثورة، لمطالبة السلطات بالتدخل لمنع كتاب للفرنسية فريال فيرون، "سي عزيز آخر ملوك الزيبان"، الذي يمجد سيرة جدها المتعاون مع المحتلين الفرنسيين في القرن التاسع عشر.
دارت حالة من الجدل في الجزائر حول كيفية فتح الباب لعرض مثل ذلك الكتاب، وبحسب صحف جزائرية عرضت فريال فيرون بعض الحقائق المزيفة عن التاريخ الجزائري، إذ حاولت تمجيد سيرة جدها المعروف في منطقة الجنوب الشرقي باسم "الباشاغا بوعزيز بن قانة"، الذي يعد أحد كبار المتعاونين مع الاحتلال الفرنسي سنوات المقاومة الشعبية، وارتكب جرائم عدة في حق المقاومة الجزائرية، أبرزها قطع 900 أذن "مجاهد ضد الاستعمار"، وتسليمها لأحد جنرالات فرنسا آنذاك.
وقد استغلت حفيدة الباشاغا بن قانة كتابها، لتتهجم على تاريخ المقاومين الجزائريين، كالأمير عبدالقادر، مدعية أن مسيرته في مكافحة الاستعمار الفرنسي لم تتجاوز 3 سنوات.
وقال يوسف شقير، رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين، في تصريح لـ"سبوتنيك"، حول استقبال الكاتبة في بلاده، "لم يقع بالخطأ احتفاء لا بالكتاب ولا بالكاتبة، فهو يمجد في طاغية بمنطقة هي بوابة الجنوب الجزائري، وله أحفاده يستوطنون فرنسا، لأنه كان عميلا لها، يحكم تلك المنطقة بأمرهم، ونصب نفسه حاكماً على هذا الجزء من الصحراء".
وتابع شقير "أحفاده المقيمون بفرنسا، مع تواطؤ فرنسي، أرادوا تغيير صورة هؤلاء الأشخاص، الذين تعاونوا مع الاستعمار، وحفيدته كتبت عنه كتاباً، تقدمه على أن له أفعالاً جليلة للمنطقة، على حساب زعماء مثل الأمير عبدالقادر الجزائري، وغيرهم من الشخصيات الجزائرية المخلصة التي بنت الدولة الحديثة".
وأضاف "عندما دخل هذا الكتاب للجزائر بطرق ما، أحد الإعلاميين من الجيل الجديد انبهر بالكتاب، دون معرفة الخلفية التاريخية لهذا الشخص، فقام بعرضه بحسن نية، وتنبه له المؤرخون، وكل العارفين بهذا المجال، فظهرت كتابات نقدية وإشارات لما يحمله هذا الكتاب من أكاذيب، والدولة الجزائرية تدخلت ومنعت الكتاب وصادرته نهائياً، وهذا الملف هو حديث جدال بين المؤرخين، ولكن على المستوى العام فقد أغلق الباب أمام أي حديث حوله".
وقالت الكاتبة والإعلامية الجزائرية المقيمة بباريس، فايزة مصطفى، "تابعنا جميعا ما كتبه إعلاميون وكتاب، أدانوا دخول هذا الكتاب للجزائر، وتقديمه ضمن لقاءات أدبية وأمسيات توقيع، هكذا دون وجود رقابة على المضمون، رغم مطالبتنا كإعلاميين ومثقفين باستقلالية النشاطات الثقافية، ولكن في نفس الوقت ليس إلى هذه الدرجة".
وحول الجدل عن تقديم تلك الكاتبة وكتابها بالجزائر، قالت "هناك من حمل وزارة الإعلام ووزارة الثقافة المسؤولية، لكني شخصياً أرى أن المسؤول الأول والأخير هم المؤرخون، فهي قد جاءت في إطار شخصي، وقدمت كتابها مؤخرا في المعرض الكتاب المغاربي بباريس، وبه الكثير من الكتاب الجزائريين الذين اطلعوا على مضمون الكتاب، فكيف تم تركها تبرمج تنقلات بين عدة ولايات جزائرية لتقديم كتابها، خاصة الجزائر العاصمة وقسنطينة عاصمة الشرق الجزائري".
وأضافت "هذه الكاتبة فريال فريون، صاحبة كتاب بوعزيز بن قانة آخر ملوك الزيبان، نشرت وجهة نظرها عن جدها، وهم يعرفون أن ذلك الشخص تعامل مع الاستعمار، في القرن التاسع عشر، بوثائق تاريخية منشورة على المواقع الفرنسية، وأن تلك الشخصية ساهمت في تعذيب المقاومين للاحتلال الفرنسي".
وتابعت "حفيدة بوعزيز من حقها أن تصفه كما تشاء، أو أن تسميه شيخ العرب، كما ذكرته في كتابها، ولكن التاريخ لا يمكن تغييره، هناك مسؤولية تاريخية، وعائلات لضحايا ذلك الشخص، الذي قمع عدة ثورات شعبية قامت في عهد الأمير عبدالقادر، أو بعده بسنوات قليلة، هي من حقها أن تكتب عن جدها ما تريد، ولكن استفز الناس أكثر، هو الوصف الذي وضعته لجدها، بأنه آخر ملوك منطقة الزيبان".
