عشت سنتين كاملتين وحيدا في مدينة الموصل، تحت عهد "داعش" الإرهابي… الحياة كانت سجن كبير، لكنني خلقت لنفسي مساحة الحرية الخاصة بي داخل غرفة المعيشة في قلب البيت… في قلب عالمي الجديد.
يوم 24 أيلول/سبتمبر 2009 — ميلاد كماني الأول، وهو أول آلة موسيقية أحصل عليها — هدية من خالاتي "العظيمات" مثلما وصفهن الشاب الموصلي أمين مقداد سالم الذي عاد تغلبا ً على الإرهاب، ليعزف رسالة مفادها الموصل مدينه للجمال، وجهها للعالم، فوق خسائر "داعش" الإرهابي وجرائمه في قتل الإنسان والتاريخ.
ويقول أمين (28 سنة) الحاصل على شهادة بكالوريوس من كلية الزراعة — جامعة الموصل عام 2013، "بدأت محاولاتي لتعلم العزف، في ذلك يوم 24 أيلول 2009، 24/9/2009 و هو يوم ميلاد كماني الأول، بعد سنة ونصف من هذا التاريخ..شاركت في مسابقة بالجامعة، كان أسمها "مسابقة الفنون الإبداعية وفيها حصلت على المركز الثاني في الموسيقى".
وتلقيت تسع محاضرات لدى أستاذ الكمان في معهد الفنون الجميلة للبنات، محمد محمود، ورجعت للتعلم وحدي على الآلات الموسيقية.
موسيقى وحرية
حديثا عشت سنتين كاملتين وحيدا في الموصل، تحت ظل "داعش"، في بيتنا الذي بات سجنا كبيرا تمكنت فيه من خلق مساحة حرية لي وألفت 26 مقطوعة موسيقية جاهزة للنشر، وأكثر من 300 مشروع موسيقي قيد الإنجاز.
وصورت مع شريكي وصديقي عمر عبد الناصر فيلم عن الحرية، وبعد يوم من تصويره داهموني عناصر تنظيم "داعش" في بيتنا وصادروا آلاتي الموسيقية.
ونوه أمين، لم أتعرض للتعذيب و الاعتقال لكن تعرضت للتحقيق مرتين على يد "داعش"، بين مره وأخرى سنه كاملة، وأخر تحقيق تعرضت له كان لثلاث ساعات تمت فيه مصادره آلاتي الموسيقية و أشياء أخرى..ولسوء حظهم أنني هربت لمدة 6 أشهر.
وكشف أمين عن تاريخ التحقيق الأخير على يد "داعش"، خلال يومي 16 —17 من شهر تموز 2016.
قتل "داعش" للموسيقي
وتابع أمين صادر الدواعش، مني آلات موسيقية هي: جيتارا، وكمانين، وتشيللو، وقانون، لم أرَ تكسيرها، لكنهم صادروها واحتمال سرقوها أو أحرقوها أو كسروها، لا أعلم مصيرها.
طيلة فترة الهروب، أكملت تأليف كتابي الأول، وبدأت في الثاني، كما صنعت آلة موسيقية مساعدة أبن عمي "زياد خالد"..أسميناها (أدد)، وأيضا ً كتبت ثلاثة سيناريوهات أفلام.
خرجت من الحي الذي كنت فيه عند بيت عمي، في الموصل بعدما حرره الجيش العراقي، ضمن عمليات استعادة الساحل الأيسر من المدينة من سيطرة "داعش" الإرهابي، وغادرت إلى العاصمة بغداد بعد يومين من الحرية لألتقي بعائلتي من جديد في التاسع من كانون الثاني/يناير 2017.
العودة إلى الموصل
دخلت الموصل للمرة الأولى بعد تحرير الجانب الأيسر منها من قبضة "داعش" الإرهابي، يوم 19 نيسان/إبريل الماضي، وعزفت فوق تل التوبة المتكون من أربع طبقات أولها قصر اسرحدون الآشوري، وأخرها مقام النبي يونس "الذي فجره التنظيم بالكامل بتاريخ 24 تموز/يوليو 2014.
عزفت رسالة للعالم وللكل..الموصل مدينة الجمال، بالتعاون مع مؤسس عين الموصل، الموثقة من قبل موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" والتي يتابعها غالبية من أهالي المدينة، والعراق ودول العالم العربي والأجنبي، لما تنشره من معلومات دقيقة وجهود مثمرة لصالح نينوى.