تلك القرارات العاصفة التي هزت الشرق الأوسط، حين صدرت أوامر باحتجاز 11 أميرًا، وعشرات الوزراء السابقين، و4 وزراء حاليين، على خلفية اتهامات بالفساد. وبشكل عام، وفق تقديرات الخبير في الشرق الأوسط، تيري ميسان، تم اعتقال أكثر من 1300 شخص. وتم تجميد 800 مليار دولار وهذا الحجم لم يكن له مثيلا في التاريخ! ولذلك، أطلق الخبراء على هذه الأحداث بأنها "ثورة نوفمبر السعودية"!
يطرح المقال الذي كتبه يفغيني تشيرينيخ في صحيفة "كومسمولسكايا برافدا" الروسية تساؤلا حول النتائج التي قد تعود على روسيا من وراء ما أسماه بـ"الثورة السعودية".
ويرى مدير معهد قضايا العولمة، دكتور العلوم الاقتصادية، ميخائيل ديلياغين، أن مكافحة الفساد أصبحت منذ زمن بعيد من تكنولوجيات الصراع على السلطة مشيرا إلى أن ما جرى في السعودية ليس ثورة لأن نظام الدولة لم يتغير. ويمكن اعتباره "انقلاب في القصر".
ويرى الخبير أن هذا "الانقلاب" يعود بالفائدة على روسيا لأن محمد بن سلمان يحتاج إلى دعم الولايات المتحدة والشراكة مع روسيا أيضا.
وفي أكتوبر/ تشرين الثاني زار الملك السعودي موسكو والتقى الرئيس بوتين، وكانت هذه الزيارة الأولى في التاريخ.
يرى كاتب المقال، أن محمد بن سلمان كان وراء زيارة الملك السعودي إلى موسكو إذ يحتاج بن سلمان إلى الدعم الخارجي غير المسبوق من أجل دعم موقفه داخل المملكة وتشكيل جبهة ضد إيران.
ويشير الكاتب إلى أنه على الرغم من الخطوات النشيطة الجيدة للعاهل السعودي وولي العهد، إلا أن هناك بعض الأمور السلبية التي قد تحدث نتيجة نقص الخبرة، وذكر الكاتب على سبيل المثال الوضع في اليمن، كما أن "البيريسترويكا" في السياسة الداخلية قد تحول ولي العهد إلى "غورباتشوف" السعودية.
ويؤكد تشيرنيخ على أن المملكة العربية السعودية أصبحت أكثر تقدمية، إذ افتتح بن سلمان دور السينما وقاعات الاحتفال الموسيقية التي كانت محظورة في السابق، كما بدأ خطوات هامة نحو الإصلاح الاقتصادي.
ويلفت الكاتب الروسي إلى أن رغبة محمد بن سلمان في تحويل البلاد مرة واحدة وبشكل سريع يعد تجربة محفوفة بالمخاطر واحتمالية زعزعة الاستقرار.
ويرى تشيرنيخ أن تحول المملكة العربية السعودية إلى مملكة مستنيرة ومستقرة سيكون مفيد بالنسبة لروسيا، كما يمكن أن تصبح المملكة تحت قيادة بن سلمان شريكا استراتيجيا هاما لموسكو.
وأشار الكاتب إلى أن التنبؤ بعواقب الأمور في المملكة السعودية الآن أمر ميؤوس منه، إذ يعتمد كل شيء على الكثير من العوامل الموضوعية والذاتية، والآن يضطر آل سعود إلى حل المشكلات التي تراكمت كثيرا، وهو في كل الأحوال أفضل من الاختباء وتوقع أن تحل الأمور وحدها بطريقة أو بأخرى، فعلى الرغم من أن محاولة حل الأمور قد يتحول إلى كارثة، لكن على الأقل هناك فرصة.