يقال إن لحلب قلعتين... الأولى هي إحدى أقدم وأكبر القلاع في العالم، وقد بنيت في العصور الوسطى على أنقاض حضارات تمتد في التاريخ إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد. والثانية هي القدود الحلبية والموشحات التي شكلت أحد أهم أوجه الحياة الثقافية في المدينة عبر مئات السنين.
وبعد تحرير مدينة حلب نهاية عام 2016 بدأت الحياة تعود تدريجيا في شرايين المدينة، وعاد الألق إلى قلعة حلب كمعلم تاريخي وحضاري وثقافي، حيث احتضن مسرح القلعة عشرات الحفلات الفنية والتراثية منذ تحرير المدينة من سيطرة الإرهاب.
ويشكل الوقوف على مسرح القلعة حلما يداعب أمنيات موسيقيي حلب من جيل الشباب، محترفين وهواة، ولكن يبدو هذا الحلم بعيد المنال للكثيرين، ممن يؤكدون على ارتباطهم الوثيق بالتراث الموسيقي والغنائي الحلبي، وهؤلاء يجدون ما يروي ظمأهم ويحقق بعضا من أمنياتهم خلال أمسيات الصيف، حيث تجتذب قلعة حلب إلى أفيائها العديد من هؤلاء الشبان ليعزفوا ويغنوا القدود والموشحات وسط حشود المارة والأهالي ممن يتجمعون للمشاهدة والاستماع، والمشاركة بالغناء حينا وبالتصفيق أحيانا، حيث تصل الألحان التراثية العريقة إلى قلوب "السميعة" الحلبيين قبل بلوغها أسماعهم، ممن باتوا يحصلون على الكثير من التسلية والترفيه في "مشوار" محيط القلعة مع انتشار ظاهرة موسيقى الشارع التي جلبها هؤلاء الشبان إلى الموقع الأكثر عراقة في المدينة.
كاميرا "سبوتنيك" تابعت أمسية من موسيقى الشارع أمام قلعة حلب تضمنت الكثير من المعزوفات والألحان والأغاني، كما التقت بعض الموسيقيين الطامحين، ممن تحدثوا عن أهمية القدود الحلبية والموشحات ومدى ارتباطهم بها كحلبيين وكموسيقيين، كاشفين عن الحلم الذي يراودهم بالغناء والعزف على مسرح قلعة حلب، "ومع صعوبة تحقيق هذا الحلم تبقى الساحة في "حضرة القلعة" مكانهم المفضل ليسمعوا العالم شدو ألحانهم".