وهذا الأمر طرح تساؤلا حول جدوى القمة الإفريقية المصغرة القادمة وما هي احتمالات نجاحها في تحقيق التوافق؟
تطلعات إثيوبيا
وأضاف أستاذ العلوم السياسي لـ"سبوتنيك": نهر النيل نهر دولي وليس إثيوبي وبالتالي تطالب مصر بإدارة مشتركة للسد بالتنسيق مع إثيوبيا بمالا يضر بمصر دولة المصب وأكثر المتضررين المحتملين، وإحالة ملف سد النهضة إلى الاتحاد الإفريقي لا يعني انتهاء دور مجلس الأمن فهو الجهة الوحيدة في العالم التي تستطيع تصنيف أي قضية أو موضوع في العالم بأنه يمثل تهديدا للأمن والسلم الدوليين أم لا، لذا عندما فوض المجلس الاتحاد الإفريقي للإشراف على الجولة الأخيرة، لا يعني رفع يد المجلس عن تلك القضية، لأن الاتحاد الإفريقي يناقش موضوع محال إليه من مجلس الأمن.
احتمالات وأوراق ضغط
وحول الاحتمالات القادمة للأزمة قال شبانة: من المحتمل أن تعمل إثيوبيا على إحالة الملف إلى إحدى لجان الاتحاد الإفريقي وهذا يعد نوعا من تضييع الوقت، والاحتمال الثاني وهو الأرجح أن تعيد مصر الملف إلى مجلس الأمن الدولي وتطلب منه مطالبة إثيوبيا بوقف عملية ملء السد إلى أن يتم توقيع اتفاق ملزم لإثيوبيا يتعلق بالملء الأول ونظام التشغيل والتعويضات المحتملة في حالة حدوث ضرر ذي شأن والآلية التي سيتم الاتفاق عليها حال حدوث أي نزاع.
وعن أوراق الضغط لدى المفاوض المصري قال شبانة، أعتقد أنه مازال لدى مصر العديد من أوراق الضغط، منها الاستعانة بوسطاء إقليميين وعلى رأسهم السعودية والإمارات، وهم يستطيعوا بالفعل إذا ما كانت هناك إرادة سياسية بالتعاون مع مصر والسودان والاتحاد الإفريقي أن يقودوا مبادرة سياسية شاملة لتسوية الأزمة تسوية تفاوضية بشكل عادل يحقق مصالح الجميع وتقوم على أساس الطاقة مقابل المياه.
الحل العسكري
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن البديل العسكري غير مطروح طالما لم تقدم إثيوبيا بعد على عملية ملء السد بصورة أحادية، واعتقد أن بداية الملء الأول دون الاتفاق هو إعلان حرب من الجانب الإثيوبي ضد مصر نتيجة إضرارها بمصالح مصر الحيوية ولا توجد مصلحة لمصر أهم من مصلحتها المائية، التأثير على تدفق مياه النيل يعني تهديد المصريين بإبادة جماعية وتهديد الأمن القومي المصري والعربي وكل خطط التنمية في مصر
فرصة أخيرة
قالت أسماء الحسيني الخبيرة المصرية في الشأن السوداني: إن القمة الإفريقية المصغرة هى فرصة أخيرة لا يجب أن تفلت من يد جميع الأطراف بما فيها الاتحاد الإفريقي الذي تم وضعه الآن في اختبار حقيقي لإثبات قدرته ومصداقيته في حل القضايا الإفريقية -الإفريقية، وهو فرصة لإثيوبيا التي أرادت هذا الحل الإفريقي من البداية، فقد كانت ترفض اللجوء الى الولايات المتحدة أو مجلس الأمن وذهبت من وقت مبكر وطلبت الوساطة من جنوب إفريقيا قبل أن تؤول إليها رئاسة الاتحاد الإفريقي وقبل الوساطة الأخيرة للاتحاد الإفريقي.
وحول حديث بعض وسائل الإعلام عن مبادرة سودانية لحل الأزمة سوف تطرح خلال القمة الإفريقية المصغرة القادمة قالت الحسيني: إن السودان قد تغير بعد الثورة والإطاحة بالبشير ويريد العودة إلى دوره الطبيعي في المنطقة والعالم العربي والإفريقي والخروج من دائرة الاستقطاب والتجاذب واللعب على الحبال الإقليمية والدولية، والبعد عن النهج الذي كان يسير فيه البشير والذي دفعه لتأييد سد النهضة قبل توافر أي معلومات فنية نظرا لمواقفه المتعنتة ضد مصر في هذا التوقيت.
وتابعت خبيرة الشؤون السودانية، إن الخرطوم اليوم تريد أن تبرز دورها كمستقل وليس تابع لتلك الجهة أو غيرها وأنها طرف أصيل وليس وسيط ويستطيع لعب دور إيجابي، لما له من علاقات جيدة مع كل من إثيوبيا ومصر، وقد طرح الدور السوداني أثناء زيارة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني "حميدتي" إلى مصر، حيث يريد السودان أن يقدم نفسه للمجتمع الدولي في ثوب جديد.
العودة لمجلس الأمن
وتوقع الدكتور أحمد المفتي الخبير السوداني في مفاوضات نهر النيل، أن القمة الإفريقية المصغرة التي يجري الحديث عنها لن تنجح في في الوصول إلى أي حل، والمبادرة السودانية التي جرى الحديث عنها لن تقبل وسيتم رفضها.
وقال الخبير السوداني لـ"سبوتنيك"، إن إثيوبيا لم تقبل أي حلول تفاوضية منذ العام 2011، وسوف تنتهي القمة القادة إلى ما انتهت إليه المفاوضات والقمم السابقة، لأن إثيوبيا إلى الآن لم تقبل أي من مقترحات الحل بما فيها النقاط البديهية المتعلقة بإلزامية أي اتفاق يتم التوقيع عليه، وفي النهاية سوف يعود الملف إلى مجلس الأمن، وأي قرار تحت أي فصل خلاف الفصل السابع من لائحة المجلس هو مضيعة للوقت.
متحدث الري المصرية
الجولة السابقة
قدمت مصر والسودان وإثيوبيا تقريرها النهائي عن مسار المفاوضات التي استمرت 11 يوما إلى الاتحاد الإفريقي الذي ترأسه جنوب إفريقيا تمهيدا لعقد القمة الإفريقية المصغرة لاستعراض الخلافات الدائرة بين الدول الثلاث حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
وقد حضر الجولة السابقة وزراء المياه لكل من مصر والسودان وإثيوبيا وممثلي الدول والمراقبين بهدف التباحث حول اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، وتضمنت المفاوضات التي انطلقت في الثالث من يوليو الجارى برعاية إفريقية، 9 جولات تفاوضية رئيسية، و6 جولات تفاوضية في المسارين الفني والقانوني، إلى جانب 3 جولات عبارة عن اجتماعات للمراقبين مع وفود الدول الثلاث كل على حدة.
وبحسب بيان رسمي لوزارة الري المصرية، لم تستطع اجتماعات اللجان الفنية والقانونية من الدول الثلاث الوصول إلى تفاهمات بشأن النقاط العالقة في المسارين، كما عكست مناقشات اللجان الفنية والقانونية ووزراء المياه بالدول الثلاث استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
ومن المقرر أن تعقد القمة المصغرة بعد أسبوع من تاريخ تسليم التقرير، للبدء في الخطوة التالية، وفق تصريحات لوزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس.