صراحة ووضوح
وأضاف لـ"سبوتنيك": "حميدتي تحدث مباشرة عن التهريب بعدما قبض على طائرة كاملة تحمل حوالي 300 كيلوغرام من الذهب وهناك كل الإثباتات عليها، لكن تم إطلاق سراحها بعد توقيفها، وهى أمور تميت الإنسان من القهر، هذا الحديث البسيط لحميدتي وجد قبولا لدى كل المتابعين في الوسائط السودانية كلها، فقد نقل الرجل إلى الشعب كل ما يدور بداخله، أما ما الذي سيحدث بعد ذلك فهو متروك للشعب، هو تحدث عن المخرج من تلك الأزمات وأن الجميع يجب أن يتكاتف".
حميدتي لا يريد سلطة
وحول إمكانية حدوث انقلاب ناعم على الثورة في السودان قال الخبير الاستراتيجي: "هو تحدث بصراحة بأن الجيش لا يعمل انقلابا والدعم السريع لا يعمل انقلابا ولا القوات الأمنية، وكل ما تحدث عنه حميدتي يشير إلى أنه لا يرغب في الانقلابات، لأنه في الأساس لم يكن راغبا في الوصول إلى رئاسة الدولة بأي حال من الأحوال، وطوال الفترات السابقة لم يكن لديه تطلع أن يكون رئيس البلاد أو ينفرد بالحكم، وتعرض لضغوط من جهات بعينها لكي يتولى الرئاسة ورفض ذلك، ولا أعتقد أن هناك جديد الآن يدعوه للتسلل للوصول إلى كرسي السلطة، فهو يملك المال والقوة العسكرية التي لها ولاء خاص له".
رجل ثاقب الرؤية
من جانبه قال، أبي عز الدين، المحلل السياسي والمستشار الإعلامي السابق بالرئاسة السودانية، إن "الفريق أول حميدتي رجل ثاقب الرؤية وكان يعبر عن نبض الشارع الداخلي والخارجي، والأغلبية الصامتة من المواطنين".
وأضاف لـ"سبوتنيك": "حميدتي رجل تتجاوز همومه المناصب، ولذلك هو غير حريص عليها بمثل حرص تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير على الكراسي، وهذا ما دعاه هو وآخرين من المؤسسة العسكرية للتعبير عن سخطهم أكثر من مرة بسبب أداء حكومة حمدوك التي تم توفير كل سبل النجاح لها، ولكنها فشلت لضعف كوادرها ولإنشغال أحزابهم بالمحاصصات وصراعات الانتقام".
وأشار عز الدين إلى أن "الشارع غاضب حاليا من تدهور الأوضاع بصورة غير مسبوقة في تاريخ السودان، ولكن المشكلة أن غالبية المواطنين أصابهم اليأس والإحباط، أما الأقلية التي تظهر في الشارع والإعلام فهي تابعة لتيار واحد، في ظل صمت أغلبية المواطنين".
الحركات المسلحة
وأكد أن "حميدتي حاول بقراءته للشارع، أراد أن يشجع الناس على أن تصدح برأيها دون توجس، وأن يسعى المواطنون لتقديم أحزاب أخرى أكثر كفاءة ووطنية من مجموعة قوى الحرية والتغيير، خصوصا أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لا زالت بعيدة في 2022 بحسب الوثيقة الدستورية|.
وأوضح عز الدين أن "حركات الكفاح الوطني المسلحة هى الأخرى لديها رأي في أداء قوى الحرية والتغيير، وستقلب المعادلة والأوزان على الأرض في حال دخولها العملية السياسية، نظرا للثقل الجماهيري الكبير لها في كثير من الولايات بما فيها العاصمة، وقد صرح أبرز منافسي حمدوك على مقعد مجلس الوزراء وهو الدكتور جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، بأن الحاضنة السياسية ينبغي تغييرها لتكون أكثر تعبيرا عن الطيف السياسي الواسع في المجتمع السوداني".
وتابع عز الدين، من ناحية أخرى، فإن أغلب الدول الشرقية المهمة قد نفضت رهانها على مجموعة حمدوك التي تراهن على أمريكا وأوروبا فقط، وتعادي روسيا والصين ومصر والسعودية والإمارات، بل فقدت العمق الافريقي كذلك و الذي كان يستند إليه البشير وحلفاؤه.
أما لؤي عثمان، عضو تنسيقية تيار الثورة السودانية فقال إن "تصريحات حميدتي للشعب بالتحرك لتغيير الحاضنة الشعبية المتمثلة في قوى الحرية والتغيير وهذا يعني عدم شرعية الحكومة الحالية، وبالتالي تشكيل حكومة جديدة غالبا ستكون من الجبهة الثورية التي وقعت مع الحكومة الحالية".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، بأن "هناك انقلابا ناعما وليس انقلابا عسكريا سيحدث داخل قوى الحرية والتغيير نفسها، لأن السلام الحادث الآن لا يمكن تمريره في غياب المجلس التشريعي أو تغيير الوثيقة الدستورية، ولا يمكن تعديل الوثيقة الدستورية إلا بشرعية ثورية، لأن الكثير من القرارات التي تم اتخاذها تتعارض كثيرا مع نصوص الوثيقة الدستورية".
خلافات القوى الثورية
وأشار عضو تنسيقية تيار الثورة إلى أنه لا يرى في التصريحات الأخيرة للفريق حميدتي أنه يجهز لتولي السلطة في البلاد، والأقرب لذلك هو البرهان لأنه يرأس المؤسسة العسكرية في البلاد وله علاقات واسعة في الخارج، وكل الدلائل تشير إلى أنه يتم تهيئته لكي يكون رئيسا للبلاد، وأتوقع أن يكون هناك شرخ كبير بين قوى الثورة في الفترة القادمة، في الوقت الذي تكفي المكون العسكري نسبة تأييد 50 بالمئة لكي يمر إلى السلطة في البلاد.
نقاط هامة
كشف المتحدث باسم تنسيقية تيار الثورة السودانية القومي وعضو مكتب الاتصال الخارجي، المعز مضوي، عن أن "التصريحات الأخيرة للنائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني الفريق محمد حمدان دقلو (حمدتي) تحمل الكثير من النقاط الهامة، التي نتجت عن دراسة لنبض الشارع ومعاناته نتيجة الفشل الحكومي في مختلف المجالات".
وقال مضوي في تصريحات سابقة لـ"سبوتنيك": "نحن نرى أن فشل الحكومة الاقتصادي وعجزها عن حل الأزمات في الشارع ستؤدي إلى سقوط تلك الحكومة عاجلا أم آجلا، لكن حمدتي درس نبض الشارع الذي أصبح الآن غاضبا جدا من أداء الحكومة وعدم قدرتها على توفير أبسط مقومات الحياة للشعب، لذا يحاول أن يقفز فوق الموجة الاحتجاجية المتوقعة قريبا نتيجة تكاثر الأزمات التي مرت بها البلاد في الفترة الأخيرة ومن ضمنها السيول والفيضانات".
رفض تام للعسكر
وتابع مضوي: "أما ما يتردد حول انقلاب ناعم في السودان، لا أعتقد أن المشهد الحالي يسمح بمثل هذا، إذ أن قوى الثورة مازالت متماسكة من قوى شبابية ولجان المقاومة، والتي لن تقبل نهائيا بوجود العسكر أو القيام بأي انقلاب من أي جهة كانت في المشهد الآن، والشارع يرى أن حميدتي والمجلس العسكري فرضوا فرضا، أو تسللوا إلى المشهد السياسي من خلال الاتفاق الذي تم مع قوى الحرية والتغيير، بدعوى أنها شراكة مؤقتة في الفترة الانتقالية لدعم الثورة وليس للحكم، لأن وجود العسكر في السلطة مرفوض تماما لدى القوى الثورية والشعب السوداني، وحميدتي يمثل أكثر الأطراف المرفوضة من الشارع وهم "الجنجويد" والتي انتهكت حقوق الإنسان وارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية في دارفور، لذا لن يكون حميدتي مقبولا نهائيا سوى بمحافظته على المشهد القائم، ولو حاول تغيير المشهد الآن سوف يفقد ما لديه من سلطات وصلاحيات، فقط الوثيقة الدستورية هي من تعطيه تلك الصلاحيات، فليس لديه قاعدة شعبية أو قوة دولية تدعمه سوى الإمارات فقط، وهي تدعمه من أجل ملف اليمن وبعض المواضيع المتعلقة بالموانئ".
حاضنة جديدة
تحالف نداء السودان
وأوضح المتحدث باسم تنسيقية تيار الثورة، أنه "قد تكون هناك تفاهمات بين حميدتي وبعض الفصائل المسلحة لتشكيل حكومة جديدة، بالإضافة إلى حزب الأمة والمؤتمر السوداني، والتي ينضوي معظمها تحت تحالف نداء السودان، والذي يمكن أن يعقد صفقة مع حميدتي والمجلس العسكري لتشكيل حكومة جديدة بدلا من حكومة حمدوك والتي لن تصمد طويلا، وقد يتم تغير حمدوك أو الإبقاء عليه، نظرا لأنه من الصعب أن تكون هناك شخصية تلقى قبولا الآن وسط هذا التزاحم، أما حمدوك فمازال يحافظ على بعض الشعبية لدى لجان المقاومة والقوى المستقلة".
وقال محمد حمدان دقلو "حميدتي"، النائب الأول لرئيس المجلس السيادي السوداني وقائد قوات الدعم السريع، إن "السلطة الانتقالية في بلاده فشلت وأن الشعب لم يفوض أحدا ليحكمه".
وأضاف خلال تجمع شعبي، السبت: "لقد فشلنا كثيرا والبلاد بهذا الشكل لا تمضي قدما، يجب الاتفاق على رؤية تجمع كل الناس، والإقصاء لن يساعد في الذهاب إلى الأمام".
وتابع: "منذ بداية التغيير ظهرت جماعة تسيدت المشهد واستحوذت على كل شيء"، لافتا إلى أنه تعرض للشيطنة بسبب "قول كلمة الحق".
وطالب حميدتي الشعب بأن يقول رأيه واضحا وألا يلتزم بالصمت، مضيفا أن السودانيين "لم يفوضوا حميدتي ولا برهان ولا حرية وتغيير".
ويواجه السودان أزمات اقتصادية وعقوبات دولية، دفعت البلاد إلى حافة الاحتجاجات، أدّت إلى الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في نيسان/ أبريل 2019، والبدء في فترة انتقالية يأمل السودانيون أن تلبي طموحاتهم وتقود لانتخابات بالبلاد.