تدمر التي تعنى باللغة العمورية "بلد المقاومين" أو "البلدة التي لا تقهر" باللغة الأرامية لغة سوريا القديمة، تدمر التي كانت واحدة من أهم ممالك الشرق، أبت على جميع الغزاة وصمدت في وجه الرومان بل وبسطت نفوذها على قطع من ممالكهم في الشرق، حتى في الحرب العالمية الثانية عندما سيطرت عليها القوات الألمانية ودارت حولها أعتى المعارك العسكرية التي شهدها العالم واستمرت صامدة حتى باتت تعرف في سوريا باسم "عروس الصحراء".
أكثر من 60 ألف مواطن سوريا عاشوا داخل تدمر وسط مجموعة من أهم وأفضل أثار العالم على مر التاريخ، "مملكة مملكات الشرق" أسم ليس من السهل أن يتردد على مسامعك والا تقف عند هذه المدينة التي كانت نقطة عبور القوافل بين الخليج والبحر المتوسط، إنها "بالميرا" كما عرفها اللاتينيون اى النخيل،
تدمر الواحة الخضراء التي صدرت أفخم انواع العطور والحرير والعاج والتماثيل الى العالم إبان الحضارة الفينيقية، والتي منحها الامبراطور الروماني ادريان لقب المدينة الحرة وتم بناء واحد من اهم المعابد على مر التاريخ وهو معبد "بعل"، الى ان تمكنت من استغلال الترنح الذى شهدته الامبراطورية الرومانية في القرن الثالث بعد الميلاد واستطاعت هزيمة الفرس وخضعت لحكم ملكتها "زنوبيا" وفرضت "زنوبيا" سيطرتها على الشام كله وأجزاء من مصر وأسيا الصغري
الى أن جاء الغزو الداعشي، الذى منع أكثر من 150 ألف سائح سنويا من زيارتها ورؤية أثارها التي تضم قوس قزح واكثر من ألف عامود أثري وكذلك المسرح الروماني، الذى بنى في النصف الأول من القرن الثاني بعد الميلاد واعيد بناؤه بعد تعرضه للانهيار عام 273 بعد الميلاد، وتواري لألاف الاعوام تحت الرمال الى ان تم التنقيب عنه وترميمه عام 1952، ومن بعدها وضع على قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو.
المسرح الروماني الذى أصبح شاهدا على تحولات مدينة تدمر من ملكة مملكات الشرق الى واحدة من سبايا التنظيم الداعشي الوحشي الذى نشر عبر شريط مصور عمليات قتل جماعية وحشية، لمواطنون سوريون أبرياء والافظع أنها دارت على يد مجموعة من الاطفال الين غذاهم داعش بأفكاره المسمومة، عشر دقائق تمر سريعا وأنت تنتظر القطار ولكنها مرت هذه الدقائق على العالم وكأنها تمحو تاريخ امتد لعشرات الاف السنين، عشر دقائق شهدتها مدرجات المسرح الروماني لخصوا ما وصل اليه العالم وما وصلت اليه بلدان باتت تدور عكس تجاه "بوصلة" التاريخ، أكثر من 50 طفلا نفذوا عمليات إعدام جماعية بالرصاص لمواطنون أبرياء كل ذنبهم هو ان العالم تخلى عنهم وتركهم وحدهم يصارعون مسرح الجهاد العالمي كله الذى جاء من كل شبر في البرية ليقضى على الدولة السورية الممانعةوعلى حضارات العرب التى صمدت عبر التاريخ. تأتى هذه الاعدامات الأخيرة بعد ان قام التنظيم البربري بإعدام أكثر من 200 شخص داخل المدينة منذ سيطرته عليها، ولكن تلك الدماء السورية الطاهرة التى سالت على مدرجات هذا المسرح الروماني لن تكون سوى شرارة ستنتج نارا تلتهم هذا التنظيم الوحشي وتقضى عليه في القريب العاجل.