نقلت الصحف التركية عن أردوغان قوله للصحفيين المرافقين له، خلال المشاركة في قمة مجموعة العشرين التي استضافتها الصين مؤخراً، "رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما، قال لي، إنه يريد أن نقوم بشيء مشترك بخصوص الرقة. نحن أجبنا، أنه من جانبنا لا توجد أية مشكلة. واقترحنا، أن يجتمع العسكريون لمناقشة سبل القيام بذلك" وأضاف "تركيا يجب أن تظهر أنها موجودة في المنطقة، وليس لها الحق في اتخاذ خطوة إلى الوراء" وتابع "نحن مرتاحون جدا للعمل مع الولايات المتحدة في بلدة الراعي، محافظة حلب في شمال سوريا. لقد تعاونا ونواصل التعاون في جرابلس".
استراتيجية موقع الرقة
الموقع الجغرافي أكسب المدينة أهمية بسبب موقعها القريب من مدينة "الموصل" التي يسيطر عليها التنظيم في العراق، كما تعتبر محور اتصال مهم بين محافظات الحسكة ودير الزور وحلب وحماه وحمص، إلى جانب الحدود المشتركة مع تركيا، ومن هنا فالسيطرة على المدينة في ضوء المعارك الراهنة يسمح بتعزيز القوات في مناطق تمتد ما بين شرق وشمال الأراضي السورية وصولا إلى الحدود المشتركة مع العراق وتركيا.
ماذا يريد أردوغان في سوريا؟
صرح نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بادين، وبعد أيام من زيارته إلى تركيا، وبالتحديد خلال زيارته إلى السويد الشهر الماضي، أن "الأتراك مستعدون للبقاء في سورية ما لزم الأمر للقضاء على تنظيم "داعش"…أعتقد أن هناك تغيّراً تدريجياً في الرؤى لدى تركيا مع إدراك أن "داعش" يشكل تهديداً وجودياً لها" في الوقت الذي لم تحدد تركيا سقفا زمنيا للانسحاب من الأراضي السورية بعد القضاء على ما قالوا عنه "عناصرالتنظيم الإرهابي" على الشريط الحدودي.
على غرار التواجد العسكري التركي بمنطقة "بعشيقة" بشمال العراق، يطرح السؤال نفسه، هل تستمر القوات التركية في التهام مزيد من الأراضي السورية؟ وهل أصبح تنظيم "داعش" ذريعة للتدخل في سوريا والعراق وتبني سياسات قمعية؟ أم هي مناورة تحمل مآرب أخرى للسلطان الحالم بعودة الخلافة؟.
وزير الدفاع التركي، فكري إيشيك، قال بوضوح "من حقنا البقاء في المنطقة حتى تمكين "الجيش السوري الحر" من السيطرة عليها. وإذا عجز "الجيش السوري الحر" عن فرض سيطرته على الوضع بالكامل في تلك المنطقة فإنه من حقنا أن نبقى هناك". وما يمكن أن يتحول إلى وجود طويل الأمد وعلى أقل تقدير إلى أن يتم التوصل لاتفاق سياسي حول المرحلة الانتقالية للحكم.
الطريق إلى درء الاتهامات
في البداية التدخل التركي في الأراضي السورية حتى وإن كان بذريعة مكافحة الإرهاب، فهو جاء مخالفا للقانون الدولي. المثير للجدل في تصريحات الرئيس التركي ورغبته في تنسيق العمليات العسكرية في سوريا مع الولايات المتحدة، في حين أن المعني بتنسيق العمليات هي الحكومة السورية، حتى يتم تصحيح الأوضاع الخاطئة التي نشأت من قبل، وتجنبا لاستمرار انتهاك ميثاق الأمم المتحدة والأعراف الدولية.
التواجد العسكري الأجنبي في سوريا يتطلب تفويض من مجلس الأمن الدولي أو طلب من الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وتتمتع بكامل العضوية في الأمم المتحدة.
ويقول الباحث في الشؤون التركية، مصطفى زهران، في حديث لـ "سبوتنيك" أن العمليات العسكرية التركية في سوريا تهدف إلى نفي اتهام تركيا بدعم الإرهاب، وأن أردوغان يقطع الشك بالقين بأن هناك تنسيق مع الولايات المتحدة للدخول في أهم البؤر التي يقطنها تنظيم "داعش" وهي الرقة " معبرا عن اعتقاده بأنها عملية في غاية الخطورة، وأن تركيا لديها نية حقيقية لمحاربة الإرهاب، وصد تلك التهمة التي التصقت بها خلال المرحلة السابقة، وهي تقول اليوم "نحن ضد داعش".
ولفت الباحث إلى أن العدد الأخير من صحيفة تابعة للتنظيم الإرهابي "داعش" أشار وللمرة الأولى إلى أن "تركيا وقعت في الفخ السوري وأردوغان يدفع بنفسه إلى الهاوية" وتسائل هل لدى واشنطن الرغبة في أن تحذو حذو الدولة التركية، وأن يكون لها قوات برية جنبا إلى جنب مع القوات التركية لإنهاء وجود التنظيم الإرهابي في الداخل السوري؟.
الخلاصة
يبدو أن تركيا أردوغان غير مستعدة للخروج من سوريا، وسيواصل أردوغان المناورة إلى أن يتمكن من تنفيذ مخطط إقامة منطقة عازلة بطول الحدود مع سوريا فضلا عن تمكين ما يعرف بـ"الجيش السوري الحر" من أحراز تقدم ميداني، ما يعني أن لأردوغان مآرب أخرى في سوريا تتجاوز محاربة الإرهاب والقضاء على تنظيم "داعش" وتبدو بصمات واشنطن واضحة على ما يجري من أحداث في الشمال. بعد كل هذا، يطل السؤال الصعب من خلف المشهد حول ما إذا كان هناك تنسيق بين تركيا عضو حلف شمال الأطلسي "ناتو" مع القيادة العسكرية للحلف، أم تكتفي بالتنسيق منفردة مع واشنطن؟
(المقالة تعبر عن رأي صاحبها)
