رئيس مفوضية العدالة الشاملة في السودان لـ "سبوتنيك": غياب الدولة وراء الصراع الدامي في دارفور

قال رئيس مفوضية العدالة الشاملة في السودان خليل أحمد دود الرجال، إن الأزمة الحقيقية في السودان بسبب أن الدولة غائبة في العديد من الولايات، كما كان في جنوب البلاد حتى تم الانفصال، علاوة على أن إطلاق مسمى أزمة دارفور على الوضع في الإقليم هو عين الأزمة.

وأضاف في في اتصال مع "سبوتنيك" اليوم الأحد: "ظللنا نكرر أن تسمية الأزمة بأزمة دارفور هي الأزمة بعينها، إذ الصحيح أن نسمي الأزمة أزمة تأسيس الدولة في السودان، والتي بدأت منذ أن خروج المستعمر الذي سلم الدولة لنخبة ظلت بمفردها تستأثر بحكم البلد قبل تأسيسها كدولة".

واستطرد: "فلكي نسمي السودان دولة، بحسب معايير الدولة، يفترض أن تتكون الدولة من الأرض والشعب والحكومة، وهنا نجد الوضع مختلف، ففي السودان هنالك المعيارين الأولين، أما الحكومة فهى غائبة تماما، ولا توجد إلا في بعض الولايات".

وتابع دود الرجال: "هناك مثال واقعي أمامنا على غياب الدولة، حيث ظلت غائبة عن الجنوب حتى تم الانفصال، وهى غير موجودة الآن في دارفور، ويبدو أن المعمول به في البلاد هو قاعدة البقاء للأقوى فقط، وإن كان الأمر بخلاف ذلك فما السبب وراء مليشيات الجنجويد ودخولها إلى أحياء مدينة الجنينة في غرب دارفور، وتلك الأحياء التي لا تبعد عن ثكناتها إلا بضعة أمتار وتعيث في المدينة فسادا، وكذا الحال بمنطقة منواشي، وتلعب أعراق الضباط دورا كبيرا في محاولة رأب الصدع وحل المعضلات".

وأوضح رئيس المفوضية: "إذا أراد الناس إيقاف نزيف الدم الجاري من ١٩٥٦، عليهم بالجلوس كسودانيين لتأسيس الدولة وخلق دستور مبني على سياسة تشريعية وطنية سودانية لا دستور مبني على "تشريع السياسة " أي السياسة المبنية على دستور أيديولوجي أو جهوي أو عرقي "دولة إسلامية عربية مثلا، وهى السياسة التشريعية التي يرى كل سوداني نفسه فيها، وإلا فساقية الموت ستظل تدور وستعم كل السودان".

وأكد أن حل المشكلة في دارفور على أساس جهوي يعد حلا خاطئا من الأساس، وقد شهد العالم على توقيع زهاء الخمسين اتفاقية اسموها باتفاقيات سلام وما تبعها إلا مزيد من الدماء والتشريد، ولن نرى السلام إلا إذا اتبعوا السبيل الأوحد، وهو تأسيس الدولة، وقد وجد السودانيون ٤ فرص لتأسيس دولتهم، أولها في عام ١٩٥٦ وثانيها في ٦٤ ثم ٨٥ وآخرها بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير.

وفي كل تلك الفرص كانت النخب المستأثرة بحكم البلاد يرفضون تأسيس البلد على الثوابت الوطنية، وللاسف كانوا في كل مرة يستغلون مؤسسة ما تسمى بقوات الشعب المسلح، والتي هي في الواقع عبارة عن مليشيات مدربة، لكنها غير متسلحة بعقيدة وطنية وتحت ظلال سيوفها ينهبون ثروات البلاد على حساب أنهار الدماء التي تجري الآن في دارفور.

ولفت دود الرجال إلى أن الخرطوم العاصمة نفسها لن من حروب أهلية وشيكة وهروب أهلها بوصفهم من يصدرون هذه الأزمات على أساس عرقي وجهوي وديني وخلافه، وكيف لا والأسلحة باتت اليوم في أيدي المواطنين على قاعدة البقاء للاقوى وعدم حيادية الدولة.

وأكد عضو مجلس السيادة الانتقالي بالسودان الهادي إدريس، أمس السبت، أنه سيتم إرسال 3 آلاف عسكري كقوة مشتركة إلى إقليم دارفور غربي البلاد لحسم الانفلات الأمني ومنع تكرار أحداث الاقتتال القبلي.

وحسب بيان صادر من مجلس السيادة السوداني فقد أوضح إدريس خلال زيارته إلى معسكر "جديد السيل"، الواقع بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، أن "بسط الأمن في إقليم دارفور، يشكل أولوية قصوى للحكومة خلال الفترة المقبلة".

وأضاف إدريس أن "زيارته إلى شمال دارفور، تهدف للوقوف ميدانيا على الترتيبات اللوجستية والفنية وجاهزية المعسكر لاستقبال حوالى 3 آلاف و321 من القوات المشتركة"، مشيرا إلى أن "ما يحدث في دارفور من مهددات أمنية سينعكس سلبا على الأمن القومي ومجمل الأوضاع بالبلاد".

وقال إدريس "إننا نريد تجميع هذه القوات في معسكر جديد السيل، وهي ذات مهام محددة منوط بها حسم التفلتات الأمنية في دارفور، وانتشارها في ولايات شمال وغرب وجنوب دارفور".

وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، أعلن، أنه بصدد إنشاء قوات عسكرية مشتركة، تضم (الجيش والدعم السريع والشرطة وجهاز المخابرات)، خلال اجتماع طارئ للمجلس الأعلى المتعلق بتنفيذ الترتيبات الأمنية، يوم (الثلاثاء) الماضي، للحد من أحداث العنف القبلي بدارفور، غربي السودان.

يذكر أن بعض المناطق بإقليم دارفور غربي السودان، تعرضت لنزاعات عسكرية شبه قبلية، خلال الأيام القليلة الماضية، مما أسفر عن جرح وقتل عشرات المدنيين والمسلحين حسب ما أوردته لجنة طبية غير حكومية "لجنة أطباء السودان المركزية".

وتشهد مناطق عديدة في إقليم دارفور السوداني من آن لآخر اقتتالا داميا بين القبائل العربية والإفريقية، ضمن صراعات على الأرض والموارد ومسارات الرعي.