خبير ليبي: توافق مجلسي النواب والأعلى للدولة جاء من زاوية تلاقي المصالح

رجح الخبير والمحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، أن يكون مجلس النواب الليبي قد لجأ إلى تشكيل لجنة لاقتراح وصياغة خارطة طريق جديد للمرحلة القادمة في ليبيا، بعد فشل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كانت مقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

بنغازي- سبوتنيك. واعتبر فركاش، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" أن توافق مجلسي النواب والأعلى للدولة ورغبتهما الواضحة في تغيير الحكومة وبعض المناصب السيادية كان من زاوية تلاقي المصالح للمجلسين للفترة القادمة.

وقال فركاش إنه "بعد الفشل المتوقع في إجراء الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر 2021، وبدون وجود خطة بديلة لجأ مجلس النواب كالعادة إلى ردود الأفعال ومن بينها تشكيل لجنة معنية باقتراح وصياغة خارطة طريق بالتواصل مع الأطراف الليبية الأخرى وفي مقدمتها خصمه السياسي التقليدي، المجلس الأعلى للدولة".

وتابع أنه "يمكن رؤية التقارب الأخير بين مجلسي النواب والأعلى للدولة من زاوية تلاقي المصالح للمجلسين للفترة القادمة ومن باب استنجاد مجلس النواب بالمجلس الأعلى للدولة واستخدامه لتنفيذ بعض المخططات التي بدون توافق المجلسين لن يكتب لها النجاح".

وحول عملية التوافق بين المجلسين، وما هي النقاط التي اتفقا عليها بشأن المرحلة القادمة، أكد فركاش أن "أهم هذه الأشياء هو رغبة بعض النواب الواضحة في تغيير الحكومة، وأيضاً تغيير بعض المناصب السيادية ومن أهمها محافظ مصرف ليبيا المركزي بالإضافة إلى رأس المفوضية العليا للانتخابات الذي ربما سيقدم فيها عماد السايح ككبش فداء على فشل إجراء الانتخابات وكجزرة لرئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري لضمان موافقته على تغيير الحكومة والاتفاق على تغيير بعض المناصب السيادية الأخرى".

وأضاف "سيرمي في الحلبة أيضا موضوع موافقة [رئيس مجلس النواب الليبي] عقيلة صالح على الاستفتاء على الدستور كإغراء إضافي لخالد المشري ولأعضاء مجلس الدولة".

واعتبر فركاش أنه "حتى الآن ليس هناك اتفاق واضح رغم تأكيد بعض النواب وأيضا أعضاء مجلس الدولة على أن اللقاء قد تم بالفعل في الأيام الماضية بين عقيلة صالح وبين خالد المشري، ولكن المشري وصف اللقاء في إحاطته لمجلس الدولة بـ [لقاء غير رسمي]، وهذا يعني أنه لقاء غير ملزم رغم التسريبات أنه هناك اتفاق على الخطوط العريضة من بينها موضوع الدستور ولكن رأينا أيضا تباينا في وجهات النظر حول موضوع الحكومة وهو موضوع حساس".

وأشار الخبير السياسي الليبي إلى أنه "منذ صدور مشروع الدستور وتسليمه لمجلس النواب وبعد معارضة من بعض المكونات الثقافية ومن [التيار الفيدرالي]، طرحت واقترحت فكرة إجراء بعض التعديلات على المشروع والأخذ بملاحظات المعارضين، وهذا إجراء يخوله الاتفاق السياسي في المادة 51 وإذا تم هذا وبموافقة المعارضين وباعتبار أن هيئة صياغة مشروع الدستور هيئة منتخبة من الشعب فإن أقصر الحلول هو اعتماد المشروع المعدل ولو لدورة انتخابية واحدة على الأقل بدون الحاجة للاستفتاء عليه وتوفير الجهد والمال والوقت وإصدار القوانين الانتخابية على أساس مواد الدستور المعدل والمعتمد وبدون الحاجة إلى توافق المجلسين في هذا الصدد".

وحول التقارير التي تحدثت عن وجود بوادر وتحركات لتشكيل حكومة جديدة بديلةً عن حكومة الوحدة الوطنية، اعتبر فركاش أن "موضوع تغيير الحكومة في الوقت الحالي هو أمر يبدو أنه يواجه معارضة شديدة خاصة في الداخل وأيضا من بعض الأطراف الخارجية بداية من رئيس الحكومة نفسه ووزرائه الذين تعهدوا بعدم تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة وهناك أيضا تخوف لدى قطاع واسع في الشارع من أن تغيير الحكومة يعني إطالة أمد بقاء المجلسين إلى فترة قد تطول وسيترجم على أنه يعني أن موضوع الانتخابات سيتم تجميده في الوقت الحالي".

وتابع "أما بالنسبة للخارج فرأينا أيضا دعوات مماثلة من بعض الدول وفي مقدمتها إيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة التي دعت إلى التركيز على موضوع الانتخابات، وأيضا رأينا الموقف التركي الذي شدد على ضرورة استمرار السلطة التنفيذية إلى حين إجراء الانتخابات ورأينا أيضا تصريحات المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز المماثلة التي قالت إن الجهود يجب أن تنصب على إنجاز الانتخابات وليس على تغيير الحكومة".

واستطرد قائلا "ولكن رأينا في المقابل اجتماعاتها مع لجنة خارطة طريق البرلمان ومع خالد المشري في إشارة ربما على أنها ستحاول التوأمة بين ما سيصدر عن خارطة طريق البرلمان وخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الصادرة في نوفمبر 2020 ، في محاولة منها لاحتواء المجلسين والتأثير على مخرجات خارطتهم وحتى لا يفلت الأمر من يديها وللمحافظة على بعض إنجازات ملتقى الحوار السياسي ومن أهمها خارطة الطريق التي، للأسف، لم تلتزم بها معظم الأطراف".

وأردف "رأينا تشديد ويليامز على ضرورة التمسك بالمدد المحددة في خارطة الطريق للفترة التمهيدية والتي مدتها 18 شهرا وبدأت رسميا يوم 21 [كانون الأول] ديسمبر 2020 وتنتهي في 21 [حزيران] يونيو 2022". مشيراً أن "هذا هو التاريخ الذي ربما تتطلع ستيفاني ويليامز إليه لإجراء الانتخابات كحد أقصى باعتباره تاريخا تنتهي فيه مدة السلطة التنفيذية الحالية بشقيها الرئاسي والحكومي".

وتابع فركاش "هناك تخوف أيضا من قبلنا ومن قبل العديد من المراقبين في الداخل والخارج من أي تصعيد مسلح قد يحدث في المنطقة الغربية لو تم تغيير الحكومة من دون توافق المجلسين أو حتى بدون إشراك ملتقى الحوار السياسي الذي أنتج رؤوس السلطة التنفيذية الحالية عبر انتخابات جنيف وهو عذر قد يستخدمه رئيس الحكومة الحالي وأعضاء المجلس الرئاسي لرفض تسليم السلطة ورفض أي تغيير قد يتم بعيداً عن أعضاء ملتقى الحوار السياسي الذي يشمل العديد من الأطراف وليس فقط ممثلين عن مجلسي النواب والدولة وقد يكون هناك حل وسط بإجراء تعديلات وزارية في الحكومة الحالية لإرضاء بعض الأطراف وتركيز المجلسين على المسار الدستوري".

وأكد على أن "هناك أيضاً تركيز الرئاسي ولجنة 5+5 على مسار توحيد المؤسسة العسكرية الذي رأينا بوادر إيجابية حتى الآن من خلال لقاء الفريق أول محمد الحداد [رئيس أركان الجيش الليبي في طرابلس]، والفريق عبد الرازق الناظوري [القائد العام للجيش الوطني الليبي المكلف] للمرة الثانية في سرت، ونتمنى أن تكلل هذه الخطوات بالنجاح، بالإضافة إلى أن يتخذ [المجلس] الرئاسي في الفترة المتبقية خطوات جدية نحو المصالحة الوطنية التي ستساهم في تهيئة الظروف لانعقاد الانتخابات حتى لو تأخرت قليلا وأجريت في مدة أقصاها الأول من سبتمبر".