بعد استقالة وزيرين... هل تؤدي خلافات الكويت لحل مجلس الأمة والحكومة؟

مثّل قبول استقالة وزير الدفاع والداخلية في الكويت نقطة مهمة في الصراع الدائر بين مجلس الأمة (البرلمان) والحكومة، قد تدفع باتجاه حل المجلس وإقالة الحكومة، بحسب المراقبين.

وكان المتحدث باسم الحكومة الكويتية، قد أعلن أمس الخميس، صدور مرسوم أميري بقبول استقالة وزيري الدفاع والداخلية، فيما قضى المرسوم بتكليف وزير الخارجية الكويتي، أحمد ناصر الصباح، بحقيبة وزارة الدفاع بالوكالة، كما كلف وزير النفط الكويتي، محمد الفارس، بتولي وزارة الداخلية بالوكالة.

يذكر أن وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة الكويتية كانا قد تقدما باستقالتهما، الأربعاء، إلى رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد.

خلاف قائم

وقالت صحيفة القبس إن "كل من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ أحمد المنصور تقدما باستقالتيهما إلى صباح الخالد".

وأوضحت الصحيفة أن استقالة الوزيرين جاءت اعتراضا على تعسف أعضاء مجلس الأمة في استخدام أداة الاستجواب مؤخرا.

من جانبه، أعرب حمد جابر العلي، وزير الدفاع المستقيل، عن أسفه الشديد "لما آلت إليه الحالة في البلاد من تعسف في استخدام الأدوات الدستورية مما دفعنا إلى اتخاذ هذه الخطوة برفع استقالتينا إلى سمو الرئيس"، على حد تعبيره.

وأضاف جابر العلي: "لقد أقسمنا على المحافظة على المال العام واتخذنا خطوات إصلاحية، وقانونية ولكن لا يمكن أن ننجز في هذه الأجواء وكأن المطلوب هو الفشل وليس الإنجاز".

وأكد العلي على أن الاستجوابات حق دستوري، لكنه وجد نفسه ومعه باقي الوزراء غير قادرين على تحقيق طموحات أبناء الشعب الكويتي الذين ينتظرون منهم الكثير، مضيفا: "هذا حقهم إلا أن الممارسات النيابية تعطلنا عن تحقيق طموحات الشعب الكويتي الوفي الذي وثق بنا وعلى أمل تحقيق مطالبهم".

واختتم الوزير الكويتي المستقيل بيانه قائلا: "لذلك قررت الاستقالة لأنني جئت للإنجاز والعمل ولدي خطة إصلاحية لكن لا يمكن تنفيذ ذلك في هذه الظروف".

صراع الكبار

اعتبر عبدالعزيز سلطان، المحلل السياسي الكويتي أن تقديم وزيري الدفاع والداخلية في الكويت استقالتهما يعد "خطأ كبيرًا"، فلا يجوز أن يكون ذلك منفردًا وبمعزل عن مجلس الوزراء، وهي واقعة فريدة من نوعها في الكويت والدول الخليجية بشكل عام.

وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك"، أنه خلال الجلسات السرية التي عقدت، تحدث بعض النواب عن حرب داخل مجلس الوزراء، ووقوف بعضهم وراء استجواب البعض الآخر، في خلاف ظاهر بين أبناء الأسرة الحاكمة، للدفع نحو حل مجلس الوزراء.

وتابع: "استقالة الوزيرين قد تدفع بحرب سياسية قوية بين رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمة، وهي مقصودة من أجل إقالة الحكومة وحل مجلس الأمة، وهذا الخلاف متوارث في الكويت بين السياسيين والمتنفذين من الأسرة الحاكمة".

واستطرد: "ما يحدث صراع أقطاب ما بين أبناء الأسرة، حيث يملك البعض نواب يمثلونه بمجلس الأمة، ويستغلهم لتوجيه استجوابات للحكومة، وذلك من أجل الصراع على منصب رئيس الوزراء، والذي يمكن له أن يكون ولي عهد مستقبلي، بل ورئيس للدولة، حيث ينص الدستور أن يكون الحاكم من أبناء أسرة الصباح، وهم من يتصارعون سياسيًا الآن".

وأكد أن الأغلبية الحكومية ورئيس مجلس الأمة منصور الغانم نجحوا في تمرير أكثرية بسيطة حالت دون إقالة وزير الخارجية وعدة وزراء آخرين، في مارثون الاستجواب الوزراء في مجلس الأمة، ولكن وزراء الدفاع والداخلية تقدما باستقالتهما بمعزل عن مجلس الوزراء، متهمين النواب بالوقوف وراء الأمر.

ويرى سلطان أن بيان استقالة الوزيرين أضر بسمعة الكويت، وهو فعل سياسي خاطئ، مضيفًا: "كان عليهما عدم قبول المشاركة في الحكومة وهم يدركان جيدًا العواقب والأزمات، التي قد تحدث، وكذلك حرب الأقطاب والاستجوابات وغيرها من الأمور المعتاد عليها السياسيون في الكويت.

مرحلة حرجة

من جانبه، اعتبر الدكتور مبارك محمد الهاجري، المحلل السياسي الكويتي، أن استقالة وزير الدفاع والداخلية رسالة واضحة بأن الخلافات السياسية بين الحكومة والبرلمان قد وصلت إلى "مرحلة حرجة جدا" خاصة إذا استمرت حالة التصعيد من قبل البرلمان عن طريق تقديم استجوابات للوزراء أو لرئيس مجلس الوزراء، وتعطيل جلسات المجلس لإقرار قوانين مهمة بشأن الإصلاح الاقتصادي وأزمة الإسكان.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، بالتالي يصبح حل الحكومة والبرلمان والعودة إلى الانتخابات البرلمانية هو الخيار المتوقع لإنهاء هذا التوتر بين الحكومة والبرلمان عقب المصالحة الأخيرة بين الحكومة والمعارضة والتي عقدها الأمير.

ويرى الهاجري أن الوزراء المستقيلون هم من أبناء الأسرة الحاكمة في الكويت ويشغلون وزارات سيادية مثل الدفاع والداخلية، وجاءت الاستقالة بسبب إعلان بعض النواب تقديم استجوابات للوزراء في جلسة التصويت الأخيرة على طرح الثقة في وزير الخارجية وهو أيضا من أبناء الأسرة وهو ابن رئيس مجلس الوزراء السابق وقطب من أقطاب الحكم في الدولة.

وتابع: "جاءت نتيجة التصويت بفارق صوتين فقط، خاصة بعد أن كانت بعض محاور الاستجواب غير دستورية ولا ترقى إلى تقديم استجواب في مواضيع حصلت قبل توليهم حقيبة الوزارة، وعلى الرغم من ذلك، نجحت الحكومة في هذا الاستجواب وإسقاط مشروع طرح الثقة".

وشدد الهاجري على ضرورة أن يسعى رئيس مجلس الأمة جاهدا في التهدئة ونزع فتيل هذه الأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان والوصول إلى تسوية سياسية بين الحكومة والمعارضة في سبيل عدم تعطيل إقرار قوانين مهمة تتعلق بتنمية البلاد.

حل مجلس الأمة

في السياق، اعتبر يوسف الملا، المحلل السياسي والاستراتيجي الكويتي، أن هناك "مؤثرات" و"صراع خفي" يقف وراء استقالة الوزيرين الكويتيين وهما من أفراد الأسرة الحاكمة، وظهرت جلية في الاستجوابات الأخيرة الموجهة ضدهما في مجلس الأمة.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، الاستجوابات التي يقوم بها المجلس حاليًا مهاترات عقيمة لا تؤدي لأية نتيجة، ومضيعة للوقت، وعدم استجابة لمطالب المواطنين في بدء عملية إصلاح حقيقية تمر بالدولة إلى مراحل متقدمة.

ويرى الملا أن قبول استقالة الوزيرين، يعطي مفهومًا بأن مجلس الوزراء يضمر بعض الأشياء عن ما يتم طرحه من أعضاء البرلمان، وهو ما قد يمهد لحل مجلس الأمة الكويتي، بسبب عدم التعاون مع الحكومة في تحقيق الإصلاحات وبعض الأسباب الأخرى، لا سيما وأن كتاب الاستقالة للوزيرين أكد على صعوبة العمل على الإصلاحات في هذه الأجواء.

وأكد المحلل الكويتي أن الحكومة تملك أوراقًا رابحة، فيمكن لها الإعلان عن عدم التعاون مع النواب، أو تمتنع عن حضور جلسات المجلس، وغيرها من الأنشطة التي قد تثبت من خلالها للرأي العام وللقيادة بأن هناك عقبة في تحقيق الإصلاحات بسبب النواب، والذين لم يقدموا أي نتائج إيجابية بعد تهم المواطنين.

وبين الملا أن قبول استقالة الوزيرين تدل على أن الخلافات عميقة وأن الوضع يتجه نحو حلس مجلس الأمة، مضيفًا: "الأسرة الحاكمة لا تستطيع أن تخسر أقطابًا سياسة وازنة في الدولة ولها مستقبل سياسي بسبب ممارسات بعض الأعضاء في استجوابات لا تغني ولا تفضي في النهاية لأية نتائج يكمن أن يلمسها المواطن باتجاه عملية الإصلاح ومحاربة الفساد.

وفي شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أدت الحكومة الكويتية الحالية اليمين أمام ولي العهد، الشيخ نواف الأحمد الصباح لتصبح رابع حكومة تتولى السلطة التنفيذية في الدولة الخليجية في عامين ونصف.