بعد وصفها بالجارة... هل يمهد حديث محمد بن سلمان لمصالحة قريبة بين السعودية وإيران؟

في خطوة اعتبرها البعض بمثابة انفراجة وشيكة في العلاقات السعودية الإيرانية، قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إن السعودية وإيران جارتان لا يمكن لأحدهما التخلص من الأخرى، وإن الحل يكمن في التعايش.

وأضاف ابن سلمان، في مقابلة مع مجلة أتلانتك الأمريكية: "قمنا خلال أربعة أشهر بمناقشات، وسمعنا العديد من التصريحات من القادة الإيرانيين، والتي كانت محل ترحيب لدينا في المملكة، وسوف نستمر في تفاصيل هذه المناقشات"، معربا عن أمله في الوصول إلى موقف يكون جيدا "يشكل مستقبلا مشرقا للبلدين".

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، أكد أن بلاده على استعداد دائم لمواصلة المحادثات مع السعودية في إطار جولات المحادثات السابقة في بغداد، معتبرا أن موعد الجولة القادمة متعلق بقرار الرياض، وفقا لوكالة "فارس".

مؤشرات سعودية

اعتبر الدكتور فواز كاسب العنزي، المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي، أن حديث ولي العهد محمد بن سلمان الأخير بشأن إيران، يعكس الإدراك السياسي والخبرة السياسية له، ويعكس كذلك التغيير الذي حدث على سياسة المملكة سواء فيما يتعلق بالشأن الداخلي والخارجي، حيث تشهد المملكة تنمية مستدامة على مختلف الصعد، لا سيما السياسية منها، والتي خرجت منها رؤية المملكة 2030.

وبحسب حديث فواز كاسب العنزي لـ "سبوتنيك"، "تحدث ولي العهد عن العلاقة بين السعودية وإيران من منظور النظرية الواقعية، وهي تنظر لجميع المكونات واللاعبين على المسرح السياسي سواء الإقليمي أو الدولي باعتباره لاعبًا أساسيًا ويجب التعامل معه بكل واقعية وجدية، وإيران جزء من الشرق الأوسط ولها تأثير بشكل كبير".

وأكد العنزي أن المملكة تنطلق من سياسة تعزيز الأمن والسلام للمنطقة العربية والعالم ككل، وهي حريصة على ذلك في كل الجهود السياسية والدبلوماسية وكذلك الاقتصادية والاجتماعية، حيث تنظر المملكة إلى إيران بأنها جزء من العالم الإسلامي، وتنظر إلى الشعب الإيراني بنظرة الأخوة بغض النظر عن النظام السياسي.

ويرى المحلل السعودي أن المملكة ستقوم من خلال السياسة التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان بما يطلق عليه سياسة "الاحتواء"، بالتعايش مع الواقع الموجود على المسرح السياسي الحالي، معتبرًا أن حديث ولي العهد يتضمن مؤشرات كبيرة تتعلق بسعي المملكة لتوسيع دائرة السلام في الشرق الأوسط، باعتبار المملكة مركزًا للعالم العربي والإسلامي، وانطلاقًا من حرصها على الأمن القومي العربي والدولي، تحت مفهوم التعايش الإيجابي مع الجميع.

تخفيف التوتر

بدوره، اعتبر الدكتور محمد محسن أبوالنور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، أن التصريحات السعودية التي جاءت على لسان ولي العهد محمد بن سلمان عن إيران، تشير إلى وجود رغبة من قبل الطرفين في تخفيف حدة التوتر بينهما.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، تخفيف حدة التوتر بين الجانبين لا يعني بالضرورة وجود مصالحة شاملة أو تطبيع كامل للعلاقات، حيث أن كل الظروف التي تحتاجها عملية التطبيع وإعادة العلاقات غير متوفرة الآن، والمملكة تنتظر ما ستسفر عن مفاوضات فيينا المتعلقة بالاتفاق النووي، وهل ستخرج إيران بمكاسب جيوستراتيجية على غرار اتفاق 2015، أم سيكون مجرد اتفاق نووي تقني لا يصل إلى الأمور الاستراتيجية في الإقليم؟".

ويرى أبوالنور أنه من المتوقع أن تتمهل المملكة لفترة قد تصل لأسابيع أو شهور حتى تتخذ القرار السياسي المتعلق بالمصالحة، لا سيما وأن إيران أبدت موقفًا متصلبًأ ومتشددا في كل جولات التفاوض التي انطلقت من بغداد بدءًا من 9 أبريل/نيسان 2021، كما أن الخطاب الإعلامي الرسمي الإيراني لا يزال يهاجم المملكة.

وتابع: "في المحصلة بوادر التهدئة الشاملة والمصالحة النهائية غير متوفرة الآن، لكن يمكن أن تكون هذه التصريحات رغبة من الجانب السعودي والإيراني في تخفيف حدة التوتر ما بين الجانبين فقط".

وأعلن الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، عن استعداد بلاده لمواصلة المحادثات مع السعودية، لحين الوصول لنتيجة، مشددا على ضرورة أن يكون السعوديون مستعدين لمواصلة المحادثات مع طهران في غضون فترة زمنية قصيرة، في ظل جو من التفاهم والاحترام المتبادلين.

ولا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بين طهران والرياض منذ العام 2016، لكن جرى خلال الأشهر الأخيرة تبادل رسائل حول رغبتهما في تسوية الخلافات.

وأجرت السعودية وإيران العام الماضي 4 جولات من المحادثات في بغداد حول تطبيع العلاقات المقطوعة وسبل حل الخلافات وسط توقعات لاستضافة العاصمة العراقية للجولة الخامسة من هذا الحوار قريبا، وفقا لـ"روسيا اليوم".