مع قرب انطلاقها... ما مستقبل المعارضة في الانتخابات النيابية اللبنانية؟

مع اقتراب انطلاق موسم الانتخابات النيابية اللبنانية في 15 مايو/ أيار المقبل، وفي ظل تغير خارطة النفوذ بعد إعلان سعد الحريري وقيادات سنية ‏بارزة عدم خوض الانتخابات، تتجه الأنظار إلى قوى المعارضة، وتحديدا، ما يسمى بـ"حراك 17 تشرين".‏

الأوضاع المأساوية التي يعيشها لبنان على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أنعشت آمال الكثيرين من اللبنانيين في التغيير، لكن السؤال المطروح الآن، هل يمكن للمعارضة أن تصبح قوة سياسية وازنة داخل المجلس النيابي القادم؟.

تستعد قوى المعارضة التي انبثقت من حراك 17 من أكتوبر/ تشرين الأول 2019، لخوض الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان، على أن تعلن قوائمها الانتخابية النهائية وخريطة تحالفتها يوم 4 أبريل، وذلك في ظل انتقاد البعض للحراك في طريقة إدارته للانتخابات وعدم وضوح برنامجه الانتخابي.

المعارضة وانتخابات لبنان

رغم تشكيك عدد من المراقبين بإمكانية إجراء الانتخابات النيابية، لكن لبنان الرسمي يتعامل مع الاستحقاق الانتخابي كما لو أنه حاصل في موعده في الـ15 من مايو/ أيار المقبل، فيما سيتم إقفال باب تسجيل اللوائح يوم الاثنين المقبل.

استطاعت "هيئة تنسيق انتفاضة النبطية ومنطقتها" المدعومة من "الشيوعي" و"الطليعة" و"منظمة العمل اليساري" وعدد من المجموعات التشرينية من تشكيل لائحة واحدة للمعارضة حملت اسم "معا نحو التغيير".

وتضم القائمة 11 مرشحا وقد سجلت في وزارة الداخلية، أمس الجمعة، بحسب صحف محلية لبنانية.

ودعت اللائحة جميع قوى التغيير وقوى 17 تشرين، "إذا كان التوحد ممكنا في الدائرة الأصعب والأكبر سكانيا وجغرافيا، فالوحدة ممكنة في كل الدوائر الأخرى".

تطلعات مستقبلية

قال رياض عيسى، ناشط لبناني، شارك في حراك "17 تشرين"، وأحد المرشحين للانتخابات النيابية، إن "مشكلة لبنان تكمن في قانون الانتخاب حيث يعد من اسوأ قوانين الانتخابات عالميا، إضافة إلى مشكلة تركيبة لبنان القائمة على الطائفية السياسية".

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، "تقود معارضة (17 تشرين) معركة انتخابية بكل المناطق اللبنانية بوجه قوى السلطة وهي متجذرة بالعمل السياسي ومؤسسات الدولة، وهي منظومة قائمة على فكرة الخدمات وحولت المواطنين من مواطنين لهم حقوق وواجبات إلى متلقي الخدمة".

وتابع: "السلطة السياسية في البلاد حولت فكرة المجلس النيابي من مجلس تشريعي ومراقب للسلطة إلى مجلس يقدم الخدمات والمعاملات للمواطنين، فاليوم المواطن أمام تحدي كبير إما أن يستغل الفرصة في الانتخابات ليحصل على مكاسب شخصية سواء مادية أو خدماتية من نواب السلطة أو أن يذهب باتجاه طلب التغيير واختيار ممثلي الثورة في صناديق الاقتراع".

ويرى الناشط اللبناني أن "الحركة الاعتراضية اليوم في لبنان واسعة جدا، وطواقم الثورة تستعد لإعداد التشكيلة النهائية للقوائم الانتخابية، وسيتضح أمام الناخب اللبناني خريطة التحالفات".

وعن مستقبل ممثلي حراك 17 تشرين في البرلمان المقبل، قال إن "هناك إمكانية لممثلي الحراك من إحداث خرق، وحجز بعض المقاعد في البرلمان اللبناني، لكنها لن تكون كافية لعمل التغيير في البرلمان اللبناني، لكن قد تؤسس لمرحلة مستقبلية".

وطالب عيسى "بضرورة توجه قوى الثورة والمعارضة بخطاب وحدوي للمواطنين وتحفيز الناخبين للنزول لصناديق الاقتراع، آملين أن يختاروا قوائم الثورة لتغيير الوضع الحالي المتأزم على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية".

فشل متوقع

من جانبه، أكد المحلل السياسي اللبناني ميخائيل عوض، أن "قوى المعارضة السياسية التي أفرزها حراك "17 تشرين"، لن يكون لها أي مصادر لقوة سياسية أو نيابية ضاربة في الانتخابات المقبلة، ومن غير المتوقع أن تحصد أصواتا كثيرة".

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، فإن "قوى "17 تشرين" المعارضة لم تستطع التوحد أثناء الحراك الشعبي، أو بعده، بل زادت الخلافات والتباينات فيما بينها، وضربت الانقسامات الحراك، ولم تفز في أي انتخابات".

وأكد عوض أن "الحراك لم ينجح حتى الآن في تشكيل لائحة واحدة من أشخاص يمكن أن يكونوا ذوي نفوذ، ولديهم شعبية يحفزون اللبنانيين من خلالها للتصويت لهم وانتخابهم".

واعتبر أن قوى حراك "17 تشرين"، "لن يكون لها أي تأثير حقيقي وفعلي في نتائج الانتخابات البرلمانية المنتظر عقدها في شهر مايو المقبل، ولن تحصد عدد مقاعد تمكنها من التواجد بثقل في المجلس، في حال عقدت الانتخابات ولم تؤجل".

وأعلنت أغلب الأحزاب التقليدية برامجها الانتخابية باستثناء "تيار المستقبل" الذي كان قد علّق زعيمه سعد الحريري، العمل السياسي، فضلا عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي أعلن عزوفه عن خوض المعركة الانتخابية المقبلة.

في المقابل، تعيش الساحة السنّية حالة من التشتت نتيجة انسحاب "تيار المستقبل" عن المشهد السياسي، والتزام فئة كبيرة من منتسبي ومناصري التيار بالقرار المركزي الذي أعلنه الحريري، وهو ما يفتح نافذة أمام الأحزاب والشخصيات السنية الأقل تمثيلا بدخول البرلمان، إضافة الى إمكانية استغلال الأحزاب المعارضة للمستقبل الفراغ على الساحة السنّية لزيادة عدد نوابها من خلال تضمين لوائحها لمرشحين سنّة.