هل تجد مبادرة سيف الإسلام القذافي القبول لدى الأطراف السياسية المتنازعة في ليبيا؟

أثارت مبادرة سيف الإسلام القذافي جدلا واسعا، والتي تضمنت دعوة جميع الشخصيات السياسية الموجودة على الساحة السياسية بالانسحاب من المشهد السياسي، فهل ستحظى هذه المبادرة بالقبول أم مجرد مبادرة في وسط التخبط السياسي الكبير الذي تشهده البلاد.

ترعرع نجل القذافي على حكم أبيه، الذي حكم ليبيا لأكثر من أربعة عقود، وصفها بعض المحللين بأنها لم تحقق آمال الليبيين في العيش الكريم والتطور العالمي لمواكبة دول العالم، ويراها آخرون بأنها أفضل بكثير من عشرية الحرب والدمار وغياب الأمن والأمان.

هل يمتلك القذافي الابن، الحاضنة الشعبية، التي تمكنه من الفوز بالانتخابات الرئاسية التي تقدم لها، أم أن خصومه السياسيين سيقفون عثرة أمام ترشحه ووصوله للسلطة التي تقاتل عليها الليبيون طيلة السنوات الماضية. في هذا الجانب يقول المحلل السياسي هيثم الورفلي لـ"سبوتنيك"، إن سيف الإسلام القذافي أراد إرسال رسائل للخارج أكثر من الداخل يقول فيها لو أردتم استبعادي وانسحابي من الانتخابات فليستبعد الجميع.

أضاف أن ظهور سيف الإسلام في هذا التوقيت والزمن الذي يشهد فيه البلد تظاهرات واحتجاجات من قبل المواطنين، وكذلك الانسداد السياسي في هذه المرحلة محاولة منه ليكون أحد الأطراف الموجودة ولكي يكون طرفا في أي حل.

في اعتقاده أن سيف الإسلام القذافي لن يكون المنقذ للدولة في هذا الوقت بالرغم من عدد مناصريه الذين ليسوا بقليل، ولكن الوضع الحالي بانتشار السلاح وتدخل الأطراف الخارجية صعب جدا أن يكون وحده هو المنقذ للبلاد مما هي فيه.

من يقف وراء استبعاد ترشح سيف الإسلام

يؤكد الورفلي أن سيف الإسلام يمتلك شعبية كبيرة في كل أنحاء البلاد لا يستطيع أحد نكران ذلك، خاصة بعد فشل أحداث فبراير/شباط التي زادت من معاناة المواطنين ولم تقدم لهم الصورة التي كانوا يحلمون بها.

ولفت الورفلي إلى أن ترشح سيف الإسلام يشكل خطرا على العديد من الجهات في الداخل والخارج، بالرغم من خطابه التصالحي ولكن العديد من أعدائه يعرفون بأن سيف الإسلام لو وصل للحكم سوف يقاضيهم، كما أن هناك العديد من الدول التي كانت شريكا في إسقاط حكم أبيه لا تدعم وصوله للسلطة، وبعض من الدول الغربية لا تريد وصول سيف للحكم لأنهم يعتقدون بأنه محسوب على القطب الروسي.

وفي هذا الإطار يقول المحلل السياسي حسين مفتاح، إن سيف الإسلام القذافي لم يغب عن المشهد السياسي على الرغم من الظروف الأمنية الخاصة التي يعيشها، مشيرا أن من يقف مع سيف القذافي ليسوا أنصار النظام السابق فقط، وإنما هناك الكثيرون ينتظرون سيف الإسلام، لأسباب كثيرة من أهمها هو طرحه لمشروعات الإصلاح أبرزها مشروع ليبيا الغد، ويضيف حسين أن السبب الآخر هو حالات الفشل المتكررة في كل متصدري المشهد بعد عام 2011، وفشل الحكومات السابقة دون استثناء، هذا ما جعل الليبيين يعولون على سيف الإسلام وعلى من ينقذ البلد، وأن الكثيرين يعتبرون أن سيف الإسلام يمثل شخصية توافقية يمكن أن يلتفت عليها الليبيون.

ترشح القذافي الابن لرئاسة ليبيا

وأشار مفتاح إلى أن الجميع تفاجأ بظهور سيف الإسلام، عند تقديم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية بعد غياب طويل، كان البعض لا يتوقع أن يشارك سيف الإسلام بحضوره الشخصي بالرغم من كل التوقعات التي تؤكد عدم حضوره بشكل شخصي، وأنه تحدى كل الصعوبات التي كانت تعيق تحركاته، وكانت من الممكن أن تمنع مشاركته من العملية السياسية والدخول لسباق الرئاسة قبل أن تتعثر مسيرة العملية الانتخابية.

ولفت حسين أن الطموح السياسي موجود لدى سيف الإسلام، ولكن أجزم بأن سيف الإسلام لم ينطلق للرئاسة بمجرد الطموح الشخصي، بل كانت هناك مطالبات كثيرة من مختلف أطياف الشعب الليبي هي من طالبت سيف الإسلام بضرورة قيادة المرحلة والمشاركة في العملية السياسية لأن البعض براه بأنه المنقذ للبلاد مما هي فيه على حد قوله.

ما الذي سيقدمه سيف الإسلام لبلاده

وفي هذا الجانب يقول مفتاح إن الحديث عن الخطط التي يحملها أو البرنامج الذي سيقدمه للبلد يظل هذا الأمر سابق لأوانه، ما لم يعلن عن خطة كاملة شاملة لا يمكن التنبؤ بإمكانياته لإنقاذ ليبيا، ومن المؤكد بأن لديه مقومات كبيرة مقارنة بكل منافسيه الذين تقدموا للانتخابات الرئاسية، بل أن استقراءات الرأي العام التي قامت بها العديد من المؤسسات باستثناء المؤسسات المحسوبة على تيارات معينة اتفقت جميعها بأن سيف الإسلام تقدم بشكل شاسع عن كل منافسيه.

ولفت مفتاح إلى أن سيف الإسلام سيكون أمام مسؤولية كبيرة، وهو ما سيجعله يبذل جهود كبيرة لإنقاذ البلد وتصحيح الوضع، وأن عودته للمشهد لن تكون مثل الذين سبقوه في المشهد طيلة العقد الماضي، وأنه لا يطمح للرئاسة فقط، وإنما سيقدم مشروع مختلف وقد يكون هو المشروع القادر على إنقاذ البلد.

الحاضنة الشعبية

وتابع أن المجتمع الليبي وكل مناطق ليبيا دائما ما تشهد شعارات تطالب بعودة سيف الإسلام على الرغم من التضييق الأمني على كل تحركاته، والاعتقالات شملت كل من يحمل صور أو شعارات للعقيد القذافي أو سيف الإسلام، ولكن إصرار الشباب على الخروج في كل المناسبات الوطنية لحقبة النظام السابق، تعطي مؤشر حقيقي لشعبية سيف الإسلام.

ويرى أن الأغلبية تعتبر سيف الإسلام شخصية توافقية قادرة على هضم الخلافات السياسية، وهذا الأمر ضاعف من شعبيته، وهو لا يزال يمتلك شعبية كبيرة.

وأضاف بأن سيف الإسلام يشكل خطرا على بعض الأطراف المحلية والدولية الداعمة لبعض الشخصيات، الذين يروا أن فوز سيف الإسلام في الانتخابات يشكل خطرا عليهم، لأنهم لا يستطيعون منافسته، ولذلك عملوا على إقصائه من المشهد.

من يدعم سيف الإسلام

واختتم قوله بأن سيف الإسلام يتحرك من خلال فريق سياسي وإعلامي يتكون من متطوعين بشكل كامل، ولم يتلق الدعم من أي جهة وأن حجة أموال القذافي في الخارج هو أمر غير حقيقي وأن الأموال في الخارج هي أموال الشعب الليبي، وأنه لم يدخل في دعايات تتطلب أموالا كثيرة ولكن لم يتلق أي دعم.