نرصد هنا ملامح عامة عن تلك الفترة التي عاشتها مصر تحت حكم مبارك، سياسيا واقتصاديا، ماذا تحقق افتصاديا وماذا كان يقول معارضوه عنه من هذه الناحية وفي الأمور السياسية أيضا؟
اقتصاديا، كان يرى بعض الخبراء في مصر نظام مبارك وعلى مدار الأعوام التى حكمها للدولة، حقق "معدلات نمو قوية للاقتصاد خصوصا في الفترة الأخيرة من عهده"، وإن كان هؤلاء الخبراء قالوا لصحف محلية أيضا إنهم يرون النمو الاقتصادي لم يستفد منه سوى "فئة معينة ولم يشعر بها المواطن العادي".
وحسب الصحف المحلية، فقد "وصل الدين العام المحلي لمصر في نهاية عام 2010 - أي في نهاية عهد مبارك - إلى نحو 962 مليار جنيه والذي وصل بنهاية الربع الثالث من 2015 إلى 2259.4 مليار جنيه، كما بلغ الدين الخارجي نحو 32 مليار دولار، بينما بلغ 46.1 مليار دولار بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي، وسجل معدل التضخم بنهاية 2010 نحو 11.1 بالمئة مقابل 10.7 في المئة كمعدل سنوي خلال يناير 2016".
وخلال فترة حكمه، تولى رئاسة الحكومة المصرية 9 شخصيات انتهت بالفريق أحمد شفيق.
وحسب كتاب "قصة الاقتصاد المصري" للكاتب الراحل جلال أمين، فقد شهدت مصر من منتصف عام 1981 وحتى 2005، (ازدياد في الديون الخارجية من 30 مليار دولار إلى 45 في عام 1986، وتعرض الاقتصاد المصري لصدمة خارجية عنيفة بسبب أسعار النفط في السوق العالمية، وتدخل صندوق النقد الدولي في الاقتصاد منذ عام 1987، ثم ارتفاع مفاجئ لتدفق الاستثمارات الأجنبية).
وشهدت فترته تنفيذ مشروعات مثل مترو الأنفاق ومدن جديدة لإسكان الشباب، لكن في نفس الوقت يرى آخرون أن فترته شهدت مشكلة في مجالي الصحة والتعليم.
أما سياسيا، فلم تكن مصر مستقرة عند بدء فترة حكم الرئيس مبارك، فقد تولى الحكم بعد مقتل الرئيس أنور السادات في حادث المنصة الشهير، ليبدأ حكمه في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1981، وانتخب 3 مرات كمرشح أوحد آخرها عام 1999، وهو ما أدى لارتفاع حدة الانتقادات ضده، مما أدى به لتعديل الدستور في 2005 وترشح أمامه آخرون لكنه فاز في الانتخابات بأغلبية كبيرة من عدد المشاركين في الاقتراع، ولم يغب مبارك عن الرئاسة سوى فترة قليلة في 2004، حيث سافر إلى ألمانيا، من أجل إجراء عملية جراحية.
وعاب عليه معارضوه عدم فتح المجال العام أمام الصحافة والأحزاب، حتى نهاية حكمه في 2011، حيث كانت كل هذه الأمور مقدمة للثورة على نظامه في بداية ما عرف بثورات الربيع العربي والتي بدأت في تونس بسقوط زين العابدين بن علي الرئيس التونسي الراحل.
وكان عام 2010 حاسما في الحياة السياسية لمبارك، حيث انتخب برلمانا به نسبة أغلبية كبيرة للحزب الوطني الذي يرأسه مبارك، وهو ما أدى لاشتداد الدعوات إلى التظاهر ضده في 25 يناير 2011، حيث استمرت المظاهرات 18 يوما انتهت بتنحيه عن الحكم وتسليم مقاليد الحكم للمجلس العسكري وقتها في فبراير/شباط 2011.
أما سياسته الخارجية، فقد بدأت فترة رئاسته الأولى، بالعمل على عودة العلاقات العربية المقطوعة، مع معظم الدول التي لم توافق على قيام مصر بتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، كما عاد مقر الجامعة العربية إلى القاهرة بعدما انتقل إلى تونس، بعد معاهدة السلام.
وأعاد مبارك منطقة طابا على الحدود المصرية إلى مصر وذلك بالتحكيم الدولي عام 1989.
لكن رأى معارضون أن علاقاته الخارجية كان فيها تبعية لأمريكا، فيما رأى العرب أنه قام بدور كبير في تحرير الكويت من احتلال العراق عام 1991، واعتبروا أنه ساهم كثيرا في وقف المعارك المتبادلة بين إسرائيل وقطاع غزة.
الألفي: الرئيس الراحل مبارك حافظ على كرامة مصر واستقلالها، ورحل بعد رد اعتباره
وقال الكاتب والأديب المصري محمد حسن الألفي، إن رحيل الرئيس السابق محمد حسني مبارك بعد رد اعتباره وهو على قيد الحياة، وتبرئته من القضايا، التي نصبت له خلال الأحداث ما بعد 25 يناير 2011، وبراءة نجليه قبل ثلاثة أيام من قضية التلاعب في البورصة، أعاد إلى قلوب المصريين الكثير من الذكريات رغم الانقسام، الذي حصل طوال السنوات الماضية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الثلاثاء، أن الرئيس مبارك حافظ على كرامة مصر ووحدتها واستقلالها والبعد بها عن المغامرات العسكرية والتحالفات، وأنه حرص على تحقيق الاستقرار والتنمية طوال فترة حكمه.
وأوضح أن الدور البارز في حرب أكتوبر للرئيس السابق مبارك، تمثل في الضربة الجوية الأولى، والخطط والاستراتيجيات وتطوير كافة الطائرات المصرية وإدخال تعديلات عليها بما يجعلها صالحة لتنفيذ الضربة الجوية الأولى، حيث مهدت 220 طائرة للحرب خلال الساعات الأولى.
وأشار إلى الدور المصري، الذي لعبه الرئيس الراحل مبارك في الدعوة لقمة عربية وتحرير الكويت والمشاركة في رد التراب الكويتي لأهله، وتبع ذلك إسقاط الديون الأمريكية على مصر المقدرة بـ 26 مليار دولار .
ويرى الألفي أن الرئيس السابق أجرى إصلاحات اقتصادية محسوبة وحذرة في ظل شروط صندوق النقد الدولي، إلا أنه لم يمض في شوط الإصلاح كما مضى الرئيس السيسي، خاصة أنه كان يريد أن يحافظ على الدعم والاستقرار، وهو ما أدى إلى تراكم العبء الاقتصادي وهو ما أثقل كاهل الميزانية.
ولفت إلى أن الرئيس مبارك أنشأ العديد من المشروعات والبنى التحتية، وأنه كان عليه أن يختار اللحظة المناسبة لترك الحكم، خاصة بعد رحيل حفيده، في ظل تعاطف الشعب المصري معه.
وتابع: "في العشرين سنة الأولى من حكم الرئيس الراحل مبارك كانت تشمل عطاء ونشاطا، إلا أنه في العشر سنوات الأخيرة ما بعد 2005، بدأت الضغوط والمؤامرة الأمريكية والإخوان لإسقاط الدولة المصرية بإسقاط مبارك، وأنه لم يهرب وحوكم كما لم يحاكم غيره".
واستطرد: "عصر مبارك شهد بعض الفساد، كما أنه كان العصر الذهبي للإخوان المسلمين وانتعاشهم اقتصاديا، كما أن عصره شهد المجال الأوسع للحريات، خاصة في العشر سنوات الأخيرة، التي كان يجب عليه أن يتخلى عن الحكم فيها".
