يرى مراقبون أن قرار مجلس السيادة وتوجيهاته لحكام الولايات بملاحقة قيادات "المؤتمر الوطني" (المنحل)، جاء للتغطية على الأزمات والفشل الاقتصادي، نتيجة لغياب الخطط المستقبلية وعودة التظاهرات، الأمر الذي دفع النظام إلى استخدام نفس طرق النظام السابق ضد معارضيه، الأمر الذي قد يولد انفجارا حال الاستمرار بنفس التوجه.
عودة إلى الوراء
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "ما يحدث هو نفس الطريقة في التفكير والتي كان يستخدمها النظام السابق مع معارضيه أو ضد الاحتجاجات والمظاهرات، واعتقد أن الأمر يحتاج إلى دراسة أشمل، واحتراف ومعرفة بما يدور في العمل السياسي والاقتصادي، وتعترف بتلك الأزمات، وأن لا توفر الحكومة المادة الخام لمثل تلك الأمور، فقد وصلت معدلات التضخم وسعر الدولار إلى أرقام قياسية، والأولى هو معالجة الأخطاء وإيجاد حلول للأزمات الموجودة، بمعنى أن لا يجب توفير المياه العكرة التي يصطاد فيها الخصوم، وهذه هي الطريقة المثلى في التعامل، أما ما يحدث من قرارات وإلقاء القبض على بعض الأشخاص، مثل هذه السيناريوهات تزيد الحالة السياسية احتقانا وتوترا، وتزيد من الانقسامات والتشظي الوطني، الذي لا تستطيع من خلاله أن تؤسس لعمل تنموي وطني ينهض بالبلاد، فلن تحدث تنمية أو صعود اقتصادي وتجاوز للأزمات".
فشل حكومي
وتابع البلال، "الأزمات الحالية في البلاد ليست جميعها وليدة اللحظة، فالكثير منها توارثته البلاد من نظام البشير، وبكل أسف لم يكن تعامل الحكومة على مستوى المسؤولية، فلم تستطع إيقاف نزيف الاقتصاد أو أن تضع البلاد في الطريق الصحيح، ونتيجة تراكم الأزمات خرجت التظاهرات وهذه هي الحقيقة".
وأشار إلى أن "الحديث عن النظام السابق وأنه من يخرج المظاهرات إلى الشارع، أمر مكرر ومعروف سلفا، نحن بحاجة إلى طريق جديد وشجاعة أكبر واعتراف بالأخطاء لتأسيس قاعدة وفاق عريضة، تضمن أن يتنافس الناس على أرض صلبة وليست متصدعة أو مهتزة وغير آمنة، حيث أن الصراعات والاستقطاب السياسي وحالة الاحتقان ستفجر الأوضاع وتجعل من الصعوبة أن يكون هناك أفق لتجاوز الأزمات الاقتصادية والسياسية".
تحذير أولي
وأوضح المحلل السياسي أن هناك، "استياء شعبيا كبيرا وإحباطا على مدى واسع من الأداء على المستوى السياسي والاقتصادي، هذا السخط لم يصل إلى مرحلة الثورة أو إرسال تهديدات شديدة اللهجة إلى السلطة، هذه الأوضاع التي نشهدها اليوم في عدد من الأقاليم يمكن أن نسميها إنذارات أولية، تلفت نظر السلطة الحالية إلى ضرورة وجود حلول للأزمات الاقتصادية، فإذا انهارت تلك الحكومة فسوف يسقط السقف على الجميع معارضين وحاكمين، لذا لا بد من أن نعلي من قيمة الإصلاح والمعالجات وأن لا نلجأ لخيارات الثورة كلما ضاق الوضع الاقتصادي، لأن ذلك لا يمكن البلاد من النهوض والاستقرار وسوف يعمق الأزمات، ويعرض البلاد إلى ارتدادات عنيفة كالتي حدثت في عدد من البلدان العربية".
من جانبه قال المحلل السياسي السوداني الدكتور ربيع عبد العاطي ، "إن قرار السلطة السودانية فيما يتعلق بملاحقة قيادات المؤتمر الوطني جاءت فقط للتغطية على الغضب الشعبي و ثورة الجياع، ذلك لأن من ثاروا إذا كانوا بالفعل ينتمون للمؤتمر الوطني، فإن ذلك يثبت رفض الشعب للحكومة وينذر بسقوطها، خاصة وكل المدن قد خرجت بجموع هادرة ولا ينفع التذرع بالنظام السابق، لأن ذلك أصبح أسطوانة مشروخة تثير الضحك و السخرية".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "لا يمكن أن تعبر تلك القرارات إلا عن حالة من التخبط وفقدان البوصلة بشكل كامل نتيجة العجز عن إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية الطاحنة والتي لم يراها السودان من قبل طوال تاريخه الحديث، علاوة على السقوط التام في إدارة الدولة وعلى كافة الأصعدة
وأشار عبد العاطي إلى أن، "السودانيون يتجهون إلى أخذ الحق باليد كما يحدث بالشرق و الغرب ومناحي كثيرة، وهنا مكمن الخطر الذي يتمثل في إغلاق الطرق و تحرك القبائل وتحدي السلطة المركزية، واليوم هناك العديد من الاشتباكات بين الشرطة والمواطنين في الأبيض وغيرها".
العودة إلى الواجهة
أما القيادي في تنسيقية تيار الثورة السودانية الدكتور لؤي عثمان فيخالف الآراء السابقة بقوله: "التشكيل الوزاري الجديد يصب في مصلحة عسکر الحرکة الإسلامیة، ومساعي المؤتمر الوطني للعودة إلى المشهد السياسي عبر بوابة المصالحة الوطنية الشاملة التي يروج لها مجلس شركاء الدم بكل مكوناته".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، " من جانب آخر یمارس المؤتمر الوطني عبر جهاز الأمن وکتائب الظل التي لا تزال موجودة في مؤسسات الدولة، الضغط على الشعب بسياسة التجويع والترکیع واستغلال طلاب المدارس في إحداث حالة من الفوضى والتخريب لتمرير مشروع المصالحة، وربط تحقيق الاستقرار في البلاد بإعلان العفو العام عن رموز المؤتمر الوطني.
مجلس السيادة
أصدر مجلس السيادة الانتقالي في السودان قرارا بإلقاء القبض على قيادات حزب "المؤتمر الوطني" المنحل والفاعلة على الساحة السودانية بموجب قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران 1989.
وجاء في بيان لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/حزيران 1989 واسترداد الأموال العامة، توجيهات لكل حكام الولايات السودانية باتخاذ إجراءات جنائية بواسطة النيابة العامة بموجب قانون تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وقانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال والقانون الجنائي.
وبحسب البيان الذي تناولته عدد من المواقع الإلكترونية فقد "امتلكت اللجنة معلومات كافية عن نشاط أعضاء الحزب المحلول وتنظيمهم لأعمال حرق ونهب وإرهاب للمواطنين العزل يجافي نسق الاحتجاج الذي درجت قوى الثورة الحية بتنظيمه، فالسلمية كانت السلاح الأمضى الذي هزم العنف ورسخ أدباً نبني عليه لإكمال التحول الديمقراطي".
ومنذ 21 أغسطس/ آب من العام 2019، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي والجبهة الثورية التي تضم عدد من الحركات المسلحة بعد توقيعها اتفاق السلام مع الحكومة السودانية في جوبا.