في المتوسط، تصعد الأبقار السويسرية إلى ارتفاع 590 م، وتقطع مسافة 16.3 كلم، وغالبًا ما تتسلق مسارات جبلية شديدة الانحدار تهب على طول المنحدرات الأفعوانية الشكل.
إضافة إلى الأبقار هناك أيضًا متسلقون حقيقيون يصعدون إلى ارتفاع يزيد عن 2000 م فوق مستوى سطح البحر. يمكن مقارنة ذلك برحلة الصعود إلى قمة أعلى مبنى في العالم - برج خليفة في دبي، الذي يبلغ ارتفاعه 830 م.
لماذا تصعد الأبقار إلى أعالي جبال الألب؟
يحاول المزارعون (منتجو الألبان) إبقاء ماشيتهم في مناطق مرتفعة قدر الإمكان. لكن لماذا؟
يُقال أن الحليب الذي يتم الحصول عليه من الأعشاب الجبلية الفواحة يمكن معالجته في أنواع فريدة من جبن جبال الألب، والتي ليس لها نظائر في العالم. من شهر يونيو/ حزيران إلى أوائل سبتمبر/ أيلول، تشبه مراعي جبال الألب "البوفيه المفتوح" للأبقار المليء بمئات الأعشاب والزهور.
المروج الجبلية في جبال الألب هي أغنى بكثير، من حيث التنوع البيولوجي، من الأراضي الواقعة في الوديان.
بالطبع، من الصعب الجزم بأن جودة الأعشاب تؤثر بشكل مباشر على طعم الجبن، كل هذا يتوقف على دقة براعم التذوق لعشاق هذا المنتج.
ومع ذلك، كما اكتشف العلماء السويسريون، فإن جبن جبال الألب أغنى بكثير من الأصناف الأخرى، فعلى سبيل المثال: يحتوي على أحماض أوميغا 3 الدهنية الصحية للغاية.
وفقًا لرابطة اتحاد المزارعين في جبال الألب السويسرية (Schweizerischer Alpwirtschaftlicher Verband)، يتم إنتاج حوالي 4000 طن من جبن جبال الألب سنويًا في البلاد. وتدعم الحكومة الفيدرالية المزارعين الذين ينتجون الجبن من خلال إعانتهم بمبلغ 400 فرنك لكل بقرة كل صيف.
عودة الأبقار إلى "منازلها"
تعتبر عودة الأبقار إلى الوادي تقليدا مبهجا يحتفل به أهالي القرى السويسرية في منطقة الألب الجبلية منذ القرن الـ14، حيث يُعتقد بأن تربية الماشية في تلك الفترة أصبحت الشكل الرئيسي لمجال الزراعة في جبال الألب في تلك الفترة.
غالباً ما تنزل الماشية التي تتمتع بصحة جيدة والتي تتكيف مع عبء الطرق ووعورتها والمنحدرات الجبلية من تلقاء نفسها وبرفقة رعاتها، بينما الأبقار المصابة أوالمريضة يتم نقلها إلى أسفل جبال الألب بالهليكوبتر، ذلك لأنه لا يمكن الوصول إلى بعض المراعي المرتفعة بوسائل النقل الأخرى.
التقط مصور "رويترز"، آرند ويغمان، إحدى هذه اللحظات على ممر كلاوسن الجبلي العالي (نحو 1950 متر فوق مستوى سطح البحر)، حيث توجب نقل عشر بقرات من بين الألف بواسطة هليكوبتر.
وبعد العودة، يعمل الرعاة، رجالاً ونساءً، في المراعي طوال الموسم. فهم الذين يقودون الأبقار إلى المرج بعد حلبها في الصباح الباكر قبل حلول الفجر ويقودونها في فترة ما بعد الظهر للحلب في المساء. أما خلال فترة النهار يعملون على صناعة الجبن. تصل ساعات يوم عملهم في المتوسط إلى 14 ساعة، لكنهم لا يتلقون الكثير مقابل عملهم الشاق، أي حوالي ثلث متوسط الراتب في سويسرا.
وبالتالي، فإن الإعانات المقدمة للمزارعين تهدف إلى مواصلة تقليد الرعي الذي يعود إلى قرون. لكن يجب ألا ننسى أن المراعي الجبلية هي عنصر من عناصر نظام بيئي معقد. قد يؤدي انتهاكها أو موتها إلى زيادة حادة في مخاطر التدفقات الطينية المدمرة والانهيارات الجليدية التي تنحدر من الجبال.
