وما بين الاعتقالات، والتهديدات، والإصابات في ميادين العمل غير الآمنة، والحرمان من التصاريح، والغرامات، وتقييد للحريات والتحريض اللفظي... يعمل الصحفيون على حمل نبراس الحقيقة عبر دروب وعرة.
أحدث محطات هذه المصاعب كان اعتقال السلطات التركية لرئيس تحرير "سبوتنيك تركيا" وثلاثة صحفيين لدى إبلاغهم عن تهديدات تلاحقهم، قبل أن تفرج السلطات عنهم لعدم وجود أدلة تثبت الاتهامات
صحفية روسية أخرى أصيبت في فرنسا، خلال تغطيته لاحتجاجات السترات الصفراء العام الماضي، وقبل أسابيع تعرضت مراسلة تعمل لوكالة روسية في سوريا لإصابة خطيرة أثناء تغطية المعارك، وقبل عامين قضى ثلاثة صحفيون روس نحبهم في جمهورية أفريقيا الوسطى أثناء أداء عملهم، فيما قامت السلطات في عدة دول بتعقيد إجراءات الحصول على تصاريح صحفية للمراسلين والصحفيين الروس في مسعى لمنعهم عن نقل الصورة الكاملة.
مشهد صحفي قاتم يتكرر في عدد من دول العالم ويشير مؤشر حرية الصحافة لعام 2019 لمنظمة "مراسلون بلا حدود" إلى تراجع الحريات في عدة دول وتزايد مناخ العداء للصحفيين حتى في الغرب، وتقول المنظمة إن العداء الذي يظهره القادة السياسيون حول العالم نحو الصحفيين يعرض الإعلام للخطر بصورة متزايدة.
قال الصحفي بوكالة "الأناضول"، محمود عثمان، إن "القبض على الصحفيين الروس في تركيا عمل لا يمكن قبوله، لكن كون المرء صحفيا لا يعطيه كامل الحرية في أن يتصرف ما يشاء" مشيرا إلى أن "هناك حد فاصل بين مهنة الصحافة وأجهزة الأمن كل يريد أن يمارس عمله وأحيانا تحدث احتكاكات وهذا نراه في جميع البلدان المتطورة المهم ألا يكون هناك احتجاز مستمر وألا يحاسب الصحفي على أنه يسعى لتوثيق الحقيقة".
وأكد عثمان أن "إطلاق الصحفيين كان هو التصرف الصحيح، ولا نريد استخدام الصحفيين لإرسال رسائل سياسية"، مشيرا إلى أن "التوترات السياسية أحيانا تلعب دورا في هامش التسامح الموجود تجاه العمل الصحفي".
قال الكاتب والمحلل السياسي سامر إلياس: "يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الصحفيين يواجهون متاعب كبيرة في جميع البلدان، وهذا يرتبط بطبيعة ما يغطونه من أحداث"، مشيرا إلى أن "الجانب التركي غير معروف عنه أنه يمنح الصحفيين الكثير من الحرية، والتدقيق على الصحفيين أصبح ظاهرة عالمية"، وأكد إلياس أن "الصحفيين الروس يتعرضون للمضايقات كغيرهم وليس هناك مبالغة ضدهم".
قال رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين يونس مجاهد إن "هناك ضوابط دولية لحماية الصحفيين، وحرية الصحافة سابقة على كل شيء في القوانين الدولية، ويتعين عدم التضييق على الصحفيين خاصة إذا كانوا معتمدين لدى الدول التي يعملون بها".
وأكد مجاهد إن "الاتحاد الدولي للصحفيين يعمل حاليا مع الأمم المتحدة لاعتماد ميكانيزم لتوفير الحماية الدولية للصحفيين، وحتى الآن ما يمكن اللجوء إليه هو القوانين الداخلية للبلاد، ونحن نحاول حاليا فضح الممارسات التي تتم بحق الصحفيين في أي مكان ونسعى لاعتماد آلية دولية لحمايتهم".
قالت أستاذة السلامة المهنية بجامعة الأهرام الكندية د.حنان الجندي إن "تعامل السلطات مع الصحافة يؤثر على التغطيات الصحفية بسبب تعرض الصحفيين للكثير من الضغوط مثل مصادرة الكاميرات أو محو المواد المصورة أو منعهم من التغطيات، ويتعين على الصحفيين من أجل الحصل على المعلومات معرفة كيفية التعامل مع العقلية الأمنية التي تقول إن المتهم مذنب إلى أن يثبت العكس".
ونصحت الجندي الصحفيين "باعتماد تكتيكات لللتعامل بحكمة مع السلطات وتبادل المعلومات وتفهم مطالب السلطات مثل الأوراق الثبوتية فضلا محاولة التخفي وعدم إثارة المحطين بتشغيل الكاميرات بدون داع، وأيضا التواصل الجيد لمعرفة ما يحدث على الجانب الآخر في الميادين".
إعداد وتقديم: جيهان لطفي
