"احتجاجات حضرموت"... هل تقود اليمن إلى الاستقرار أم الفوضى؟

تشهد حضرموت إحدى أهم المحافظات اليمنية الجنوبية وعدد من المدن الأخرى احتجاجات سلمية متصاعدة منذ الأسبوع الماضي، تنديدا بالأوضاع المعيشية والاقتصادية المتدهورة، تطورت إلى الإضراب الشامل، بجانب دعوات للعصيان المدني خلال الأيام المقبلة.

لماذا عجزت الشرعية عن احتواء الأزمات وما النتائج المتوقعة لاستمرار تلك المظاهرات وانضمام مناطق أخرى لها؟

بداية يقول الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني، العميد ثابت حسين، الحضارم معروف عنهم أنهم مسالمون، لكن الظلم الذي لحق بهم وبكل الجنوبيين منذ حرب 1994، كان أكبر من قدرتهم على التحمل وخصوصا بعد انكشاف أمر حجم النهب والسلب لثروات الجنوب، في وقت يعيش فيه الجنوبيون أقسى الظروف المعيشية والخدمية.

ثورة شعبية

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، نتيجة الظلم الواقع على الجنوب انتفضت شبوة والآن حضرموت وقبلها سقطرى وعدن، في تصعيد ملحوظ للاحتياجات، وقد تتحول إلى ثورة شعبية عارمة خصوصا مع تجاهل التحالف والشرعية لهذه المطالب.

وتابع حسين، الاحتجاجات سلمية وحضارية ومشروعة حتى الآن، لكن ما نخشاه أن تلجأ السلطات أو القوات الموالية لحزب الإصلاح إلى استخدام أساليب الاستفزاز والإشاعات، وربما استخدام العنف بهدف خلط الأوراق للهروب من الاستحقاقات.

حزب الإصلاح

بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي الجنوبي، محمد بالفخر، أن هناك من يريد جر حضرموت إلى مربع الصراعات والفوضى التي اعتادوا عليها ونشأوا وترعرعوا في دهاليزها، ولكن في النهاية حضرموت بوسطيتها وسلميتها، وتميز أهلها بثقافتهم الخاصة لن تمكن هذه الفئة من تحقيق أهدافها.

وقال بالفخر في حديثه لـ"سبوتنيك"، حضرموت مع النظام والقانون دائما وأبدا، ومع الدولة ومؤسساتها ولن تنجر إلى ثقافة المليشيات والعصابات بحالٍ من الأحوال، وفي الحقيقة حزب الإصلاح لا يمتلك ميليشيا خاصة به، ولا قوات تأتمر بأمره، وما يحاول البعض إضفاء هذه التهمة عليه إلا لمرامي بعيدة، وفقا لأجندات خارجية تنفذ بحذافيرها.

وتابع بالفخر، الحقيقة سواء اتفقنا معه أو اختلفنا فهو كغيره حزب سياسي له نشاطه السلمي وأجندته الوطنية الملتزمة بالدستور والمنسجمة مع مواقف الحكومة الشرعية.

المكونات الحضرمية

وأضاف المحلل السياسي، مايحدث في حضرموت في الوقت الحاضر لم تقره المكونات الحضرمية كمؤتمر حضرموت الجامع ومرجعية قبائل حضرموت ولا النخب والأحزاب السياسية، و جميعا كما أسلفت مع حقوق حضرموت وتعمل بكل جد واجتهاد للمساهمة في انتشال البلاد من المنحدرات التي وصلت إليها، ومنها الحالة المتردية للوضع الاقتصادي وانهيار العملة.

وأكد بالفخر، أن الجميع سيبذل كل جهده مع الحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، لإعادة الاستقرار الاقتصادي أولا والأمن والاطمئنان للمواطن ثانيا، وبهما سيتحقق الانتصار العسكري في كافة الجبهات والانتصار السياسي في جولات المفاوضات" حفظ الله حضرموت وبقية مناطق اليمن من شرّ الأشرار ومن كيد الفجار" .

طبيعة خاصة

من جانبه يقول القيادي في الحراك الجنوبي، عبد العزيز قاسم، إن حضرموت محافظة لها طبيعتها المدنية وحضارتها وخصوصيتها من مختلف النواحي المدنية والثقافية والاقتصادية والأمنية، وكذلك سجية أهلها المعروفة بالتزامهم المدني، يرفضون عسكرة الحياة المدنية ودوما يلتزمون بالمؤسسات الرسمية، لكن ذلك لا يعني قبولهم بالممارسات والتصرفات الخارجة عن النظام والقانون.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن ما تشهده حضرموت من احتجاجات وهى واحدة من أهم محافظات الجنوب من حيث المساحة الجغرافية والثروات وحضارة، هو جزء مما يشهده الجنوب من معاناة نتيجة للسياسات الخاطئة والأوضاع الاقتصادية المتدهورة، التي يشهدها الجنوب عموما منذ العام 2015.

حركة موحدة

وأشار قاسم إلى أن، الاحتجاجات أمر طبيعي في مثل هذه الظروف الكارثية، وتحرك حضرموت له أبعاد فقد يسحب بقية المحافظات لإعلان حركة موحدة تضم كافة الاتجاهات وتوجيهها في مجرى واحد وهو الخروج من دوامة العنف والحرب وإخراج الجنوب إلى بر الأمان.

وحول إمكانية حدوث اشتباكات مع الشرعية يقول القيادي بالحراك، ما يحدث من احتجاجات ليس موجها ضد فصيل بعينه، بل هناك صراع طويل مع منظومة مراكز النفوذ والإصلاح يعد واحدا من هذه المراكز المتنفذة في حضرموت، ولديهم قوات ويسيطرون على منابع النفط وفقا لتقاسم سابق منذ 1994 بعد الحرب، ولازال هذا التقاسم قائم حتى اللحظة مع مراكز النظام السابق.

بدأ موظفو وعمال شركة النفط اليمنية في ساحل حضرموت، اليوم الأحد، إضرابا شاملا عن العمل، للمطالبة بإيجاد حلول للحد من انهيار الأوضاع الاقتصادية والعملة المحلية.

وقالت النقابة في بيان صحفي، إنها ستبدأ بالمرحلة الثانية من البرنامج التصعيدي "اليوم الأحد" بإضراب جميع موظفي ومتقاعدي الشركة بالحضور فقط والامتناع من تأدية أي أعمال، على أن يكون سريان الإضراب فترة الدوام الرسمي يوم واحد الأحد 12 ديسمبر/كانون أول الجاري.

وأضافت أن البرنامج التصعيدي يهدف إلى إيصال رسائل للجهات الرئاسية والحكومية المعنية، والمطالبة بإيجاد حلول للحد من انهيار الأوضاع الاقتصادية والعملة المحلية.

يأتي ذلك استمرارا للاحتجاجات الواسعة التي تشهدها مختلف قطاعات الدولة في حضرموت احتجاجا على انهيار العملة الوطنية وارتفاع الأسعار"بحسب صحف محلية جنوبية".

ومنذ مارس/ آذار 2015، ينفذ تحالف عسكري تقوده السعودية وبمشاركة قوات الحكومة اليمنية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، عمليات عسكرية ضد مسلحي جماعة "أنصار الله".

وقد اجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم، وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.