تساؤلات عن نجاعة "الإضراب عن الطعام" لوقف الاعتقال الإداري الإسرائيلي بعد الإفراج عن أبو هواش

نجح مؤخرًا الأسير هشام أبوهواش، في انتصار جديد للأسرى الفلسطينيين، من التوصل لاتفاق مع السلطات الإسرائيلية لإنهاء اعتقاله الإداري في شهر فبراير/ شباط المقبل، بعد إضراب عن الطعام دام لمدة 141 يومًا.

ونجح الكثير من أسرى فلسطين قبل أبوهواش، من الحصول على حقوقهم عن طريق الإضراب عن الطعام، والذي يعتبره البعض سلاحًا فلسطينيًا جديدًا أثبت نجاحه في مواجهة إسرائيل.

وقالت القناة العبرية الـ13 إن إنهاء اعتقال أبوهواش كشف عن سلاح فلسطيني جديد تمكن من "تركيع وخضوع" إسرائيل، حيث اعتبرت أن "الفلسطينيين حققوا انتصارا لم يسبق له مثيل، عقب رضوخ السلطات الإسرائيلية لمطالب الأسير الفلسطيني والإفراج عنه، وذلك بعد تهديدات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة برد قاس في حال مقتله، خلال إضرابه عن الطعام، رفضا لاعتقاله الإداري".

وطرح البعض تساؤلات بشأن فاعلية هذا السلاح الجديد، وهل تشهد السجون الإسرائيلية استخدامه كثيرًا في الفترة المقبلة، ومدى قدرته على تحجيم عمليات الاعتقال الإداري.

انتصار أبوهواش

وأوضحت القناة الإسرائيلية أن "معركة الوعي هو السلاح الفلسطيني الجديد الذي فرضه الفلسطينيون على السلطات الإسرائيلية، أو سلاح الإضراب عن الطعام قد استخدم لإخضاع إسرائيل"، مشيرة إلى أنه "يمكن أن يسبب حرجا لإسرائيل، في الفترة المقبلة".

وأوضحت القناة أن "هذا السلاح الجديد يأتي بعد الكشف عن هروب الأسرى الفلسطينيين الستة من سجن جلبوع الإسرائيلي الشديد الحراسة، في السادس من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي".

وكان نادي الأسير الفلسطيني قد أكد، أول أمس، أن "اتفاقا جرى بشأن قضية المعتقل هشام أبو هواش المضرب عن الطعام منذ 141 يوما، وهذا الاتفاق يقضي بالإفراج عنه في السادس والعشرين من فبراير/ شباط المقبل".

وعانى الأسير الفلسطيني أبو هواش في الفترة الأخيرة من إضرابه عن الطعام من وضع صحي حرج للغاية، حيث تعرض لغيبوبة متقطعة، فيما عانى من ضعف في حاسة البصر وعدم القدرة على الكلام، إضافة إلى مشاكل في عضلة القلب وضمور في العضلات.

سلاح أخير

بدوره، اعتبر أيمن الرقب، القيادي في حركة "فتح"، أن "تجربة خوض الإضراب عن الطعام هو السلاح الأخير الذي يستخدمه المعتقل الفلسطيني لتغيير واقعه، وهذا السلاح يستخدمه المعتقلون الفلسطينيون المحكوم عليهم على خلفية قضايا أمنية لتحسين أوضاع اعتقالهم".

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، "يستخدم المعتقلون الإداريون الإضراب عن الطعام لنيل حريتهم خاصة أن إسرائيل تعتقل الفلسطيني من دون قضية أو ملف والمشكلة تكمن في تجديد الاعتقال الإداري أكثر من مرة دون محاكمة مما يدفع المعتقل الفلسطيني للإقدام على الإضراب كخطوة أخيرة لوقف هذه القرارات الجائرة وعدم تجديد اعتقاله الإداري".

ويرى الرقب أن "هذه التجربة تنجح عندما يحدث الإضراب حراكا خارجيًا وتحركًا جماهيريًا للضغط على إسرائيل كما حدث مع الأسير هشام أبو هواش".

وأضاف: "لن يستطيع أي معتقل إداري خوض هذه التجربة لأنها صعبة وتقترب بها من الموت، وللأسف هذه التجربة لا تدفع إسرائيل لوقف الاعتقال الإداري دائمًأ، حيث أنها لا تكترث للمجتمع الدولي".

وسيلة ضغط

من جانبها، اعتبرت حكمت المصري، الباحثة الفلسطينية، أن "الاعتقال الإداري يستند إلى قوانين الطوارئ الظالمة منذ عهد الانتداب البريطاني، وهي قوانين تفتقر إلى أي شرعية، وهدفها تحطيم إرادة المناضلين وكسر معنوياتهم، واحتجاز طاقاتهم لأكبر فترة ممكنة، من دون أيّ أدلة وبراهين، ومن دون محاكمات، تحت ما يُسمى المواد السرية".

وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك": "خلال العام 2021 أصدرت إسرائيل (1595) قرارًا بالاعتقال الإداري، ما بين قرار جديد وتجديد الاعتقال الإداري للأسرى، دون تهمة أو محاكمة وهذا يمثل زيادة قدرها (43.2%) عن العام الذي سبقه".

وتابعت: "الأسير أبو هواش ليس أول من حاول نيل حريته من خلال الإضراب المفتوح عن الطعام كنوع من الاعتراض على الاعتقال الإداري وإنما سبقه الكثير من الأسري منهم الشيخ خضر عدنان وماهر الأخرس، وصولاً إلى لؤي الأشقر وعياد الهريمي وعلاء الأعرج وكايد الفسفوس".

وأكدت أن "كلّ هؤلاء المعتقلين الإداريين استطاعوا انتزاع حريّتهم بصمودهم وثباتهم وإرادتهم وصلابة موقفهم وانتمائهم، وبأمعائهم الخاوية، كعامل أساسي في تحقيق انتصارهم على سجّانيهم وأجهزة مخابرات الاحتلال، وقد تفاوتت مدة إضرابهم عن الطعام، ولكنها لم تقلّ عن 70 يومًا".

وترى المصري أنه "في ظل عجز المؤسسات الدولية على وضع حد لهذه الجريمة، سيلجأ الأسرى إلى الخيار الأصعب المتمثل بالإضراب عن الطعام كوسيلة للضغط على إسرائيل من أجل وقف الاعتقال الإداري".

عقلية إسرائيلية

في السياق، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصباح أبوكرش، أن هناك عدة أسباب أدت إلى انتصار الأسير الفلسطيني هشام أبو هواش على سجانه الإسرائيلي؛ أهمها "إرادة هذا البطل التي تعبر عن قوة وصلابة الإنسان الفلسطيني الذي استطاع الإضراب عن الطعام لمدة 141 يوما متواصلين؛ ومن ثم وقوف الكل الفلسطيني خلف قضية هذا الأسير وذلك بدعم المطلب القانوني المشروع الذي سعى لتحقيقه".

زوجة الأسير هشام أبو هواش: "زوجي يهدي انتصاره للمقــــاومة في المقام الأول".#هشام_أبوهواش_ينتصر pic.twitter.com/9CiAx6IREO

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) January 4, 2022

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، كان لفصائل المقاومة الفلسطينية الدور الأبرز في هذا الجانب عندما أكدت بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث مع هذا الأسير؛ وأمام ما قد يترتب عن مواصلة إضرابه عن الطعام بهدف نيل حريته.

وتابع: "يبدو أن بعض المسؤولين الإسرائيليين قرأوا رسالة ما حدث جيدا فبدأوا بالحديث عن ضرورة القيام بمراجعات حول سياسة استخدام ملف الاعتقال الإداري ضد الفلسطينيين؛ لكن هذه المطالبات لن تغير من واقع العقلية الإسرائيلية من شيء جوهري يذكر، فهي عقلية أمنية بامتياز؛ والاعتقال الإداري وسيلة أمنية مهمة لا يمكن لإسرائيل الاستغناء عنها".

ويرى أبوكرش أن الأسرى الفلسطينيين سيواصلون سعيهم الدؤوب من أجل نيل حريتهم بكل الأشكال والطرق المتاحة وغير المتاحة؛ وسيشكل انتصار الإرادة الفلسطينية الذي حققه الأسير المحرر هشام أبوهواش حافزا معنويا لكل الأسرى يدفعهم لبذل المزيد في هذا الاتجاه؛ لكن ذلك وحده لن يكفي لمعالجة ملف الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل.

ومضى بالقول: "المطلوب وضع هذا الملف على كل طاولات العمل الفلسطيني بكافة تخصصاتها من أجل الضغط على المجتمع الدولي وبالتالي الضغط على إسرائيل لتحرير كل الأسرى الفلسطينيين والذين مضى بعضهم معظم سنوات عمرهم داخل السجون الإسرائيلية؛ إضافة إلى وقف كل محاولات إسرائيل لاستغلال هذا الملف الإنساني لابتزاز الفلسطينيين في أمور معيشية حتى وهي تفاوضهم على صفقة تبادل جديدة للأسرى".

وبحسب آخر الإحصائيات، فإن إسرائيل تعتقل داخل سجونها نحو 4550 فلسطينياً، بينهم 170 قاصراً، ونحو 500 معتقل إداري، و32 أسيرة.