تسجيلات مسربة لقادة جماعة "الإخوان المسلمين" في مسلسل "الاختيار" تثير جدلا واسعا في مصر

للعام الثالث على التوالي، يثير مسلسل "الاختيار"، الذي تنتجه الشركة الإعلامية المتحدة، جدلا واسعا في الأوساط السياسية والفنية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

القاهرة - سبوتنيك. يحمل هذا الموسم من مسلسل "الاختيار" عنوان "القرار"؛ ويتناول كواليس عام 2012، خلال فترة حكم جماعة "الإخوان المسلمين" (الإرهابية المحظورة في روسيا) في مصر، والتداعيات التي أدت إلى اتخاذ "قرار" إزاحة الرئيس المنتمي إلى الجماعة، محمد مرسى، عن الحكم؛ وتسليم مسؤولية البلاد إلى سلطة مؤقتة، في مطلع يوليو/ تموز 2013.

وخلال حلقاته الخمس الأولى، عرض المسلسل، في إطار شبه تسجيلي، عددا من القضايا أبرزها، محاولة الإخوان إقالة النائب العام آنذاك، عبد المجيد محمود، ومخططهم (تم التصدي له حسب المسلسل) لإدخال عناصر الجماعة ودمجهم في القوات المسلحة وأجهزة الأمن المصرية، وأزمة نقص الكهرباء، التي شهدتها مصر في عامي 2012 و2013.

إضافة إلى محاولة الإخوان إدخال أسلحة ومقاتلين مدربين إلى مصر؛ وصولا إلى الخلافات والانشقاقات بين جماعة الإخوان وبقية التيارات والجماعات الإسلامية في مصر.

إلى جانب ذلك، ثمة العديد من الأمور التي تميز هذا الموسم عن الموسمين السابقين؛ أولا هو يعد أول عمل درامي يجسد فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو أيضا العمل الأول الذي يجسد فيه دور رئيس جمهورية، خلال فترة تواجده في الحكم.

ويلعب دور السيسي في المسلسل الفنان المصري ياسر جلال، والذي حظي بإشادات واسعة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ ليس فقط لإتقانه تمثيل تفاصيل الرئيس السيسي من الناحية الشكلية، ولكن أيضا من حيث حديثه بنبره صوت مشابهة بشكل كبير لنبرة صوت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

الأمر الثاني الذي يميز هذا الموسم، في أنه يعرض في نهاية كل حلقة، جزءا من تسجيلات تعرض لأول مرة لأحاديث مسؤولي جماعة الإخوان وبعض قيادات التيارات الإسلامية الأخرى.

ورغم أن المسلسل لا يقدم معلومات حول متى وكيف تمت هذه التسجيلات، إلا أن أحاديث الأشخاص بداخلها تشير إلى أنها التقطت في عام 2012، وقت الانتخابات الرئاسية، التي جرت عقب اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتنافس فيها عدة مرشحين من التيارات الإسلامية.

وتظهر هذه التسجيلات، التي يتحدث فيها قيادات جماعة الإخوان، بدءا من المرشد محمد بديع، والرئيس السابق الذي توفي في السجن، عام 2019، محمد مرسي، والقيادي الكبير في الجماعة خيرت الشاطر، خلافات وانقسامات بين التيارات الإسلامية ذاتها.

ويتحدث مرشد جماعة الإخوان تارة عن التيار السلفي، ويصفه بأنه تيار منقسم ولا يمكن عقد اتفاق معه، وتارة أخرى يتحدث عن مطالبته المرشح للانتخابات الرئاسية المحسوب على التيار الإسلامي ورئيس حزب مصر القوية، عبد المنعم أبو الفتوح، بالانسحاب مقابل توليه منصب نقيب أطباء مصر ورئيس اتحاد نقابات المهن الطبية.

غير أن مرشد الجماعة يقول، إن أبو الفتوح رفض هذا المطلب وأصر على المضي قدما في الترشح للانتخابات.

على الجانب الآخر، يظهر أبو الفتوح (مسجون حاليا على ذمة عدة قضايا) في تسريب الحلقة الثالثة من المسلسل، ويبدو أنه يتحدث إلى عدد من قيادات الجيش؛ محذرا إياهم من سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على الحكم.

وفي التسجيل يقول أبو الفتوح، "إن كنتم غير خائفين من سيطرة الإخوان على البلد بشكل ديمقراطي، هذا سؤال أنا أطرحه؛ لو أنكم لا تخافون من هذا الأمر؛ إذا أنتم لا تفكرون في مستقبل مصر. وهذا غير طبيعي، أن يبقى الجيش المصري غائب عنه مستقبل مصر".

ويضيف أبو الفتوح في التسجيل، "منطلق كلامي هو الخوف على مؤسسة الجيش وغيرتي عليها. أنا والله لو أختار بينه وبين أي حد من حضراتكم، سأعطي صوتي لأي واحد فيكم، دون تفكير، بما فيهم المشير محمد حسين طنطاوي".

وفي هذا السياق، يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد بان، في حديث مع وكالة "سبوتنيك"، "هذه التسريبات ستعري قيادات الجماعة أمام قواعدها، وستعزز القطيعة بين مجموعات الإسلام السياسي، من سلفيين وإخوان".

وأضاف، "دائما ما تروج القيادات أن هذه التسريبات مقتطعة من سياقها. لكن في كل الأحوال عرض المزيد من تلك التسجيلات سيكشف الكثير من خطط التنظيم وزيف ادعاءاته في الحديث عن مشروع نهضة وعن ضلوعه في العنف، وهز استقرار الدولة المصرية".

إلى جانب الخلافات بين التيارات الإسلامية، تظهر التسجيلات كيف كان ينظر قادة جماعة الإخوان المسلمين إلى أجهزة الأمن المصرية.

في الحلقة الأولى يظهر القيادي بالجماعة خيرت الشاطر (محبوس حاليا على ذمة عدد من القضايا)، وهو يقول إنه يمكنه الاصطدام بالأجهزة الأمنية، لكن لا يمكنه الاصطدام بالجيش لأنه الاصطدام بالجيش يعني "انتحار"؛ في إشارة إلى الاشتباكات التي كانت تقع بين القوات الأمنية والمحتجين في العديد من الأحداث، بعد عام 2011.

وفي الحلقة الخامسة، ظهر الشاطر، في تسجيل قصير، وهو يقول، "الأمر الذي لا يعرفه الكثير من الناس، أنه أكثر من نصف مكتب الإرشاد الحالي وأكثر من نصف المكتب التنفيذي الحالي، تمت محاكمتهم عسكريا. وبالتالي حين نناقش أي شيء خاص بالجيش أو التعامل معه يشعر كل منا بالرغبة في الثأر".

وبدأ عرض مسلسل "الاختيار" خلال شهر رمضان من عام 2020، وسلط الضوء في موسمه الأول على مهام وتضحيات القوات المسلحة في محاربة التنظيمات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء.

وتمحور الموسم الأول حول قصة حياة الضابط المصري الشهير أحمد المنسي، والذي قٌتل مع أفراد كتيبته خلال هجوم إرهابي مسلح على كمين البرث في شمال سيناء، عام 2017.

أما الموسم الثاني والذي حمل اسم "رجال الظل"، وعُرض العام الماضي، فركز على فترة الاضطرابات السياسية التي تلت إزاحة الإخوان المسلمين عن الحكم، ومهام ضباط أمن الدولة.

كذلك عرض كواليس فض اعتصام الإسلاميين في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر، عام 2013، وعمليات اغتيال بعض المسؤولين المصريين، مثل ضابط الأمن الوطني محمد مبروك. ومبروك كان مسؤولا عن ملف قضية التخابر المتهم فيها قيادات جماعة الإخوان، وبينهم الرئيس محمد مرسي، وقتل في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2013، حين أطلق ملثمون عليه النار قرب منزله.

كما ركز المسلسل على حادث اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، والذي اغتيل باستخدام طريق سيارة مفخخة استهدفت موكبه، في عام 2015.