هل ينجح المجلس الرئاسي اليمني في تحقيق ما عجزت عنه "شرعية هادي"؟

دخل المجلس الرئاسي اليمني مرحلة الاختبار العملية بعد أن أدى اليمين الدستورية في العاصمة عدن أمام مجلس النواب، حيث تسود حالة من التفاؤل الحذر لدى الكثير من القوى الجنوبية خوفا من تهميش قضيتهم وعدم الجدية في حسم الأوضاع المستمرة منذ 7 سنوات.

بداية يقول المحلل السياسي اليمني، أوسان بن سدة، إن نجاح المجلس الرئاسي في تنفيذ ما صرح به على أرض الواقع يعتمد على مدى التوافق والتناغم بين التشكيلة التي يتكون منها، وهذا ما سنراه في قادم الأيام.

التوافق والاختلاف

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "أهم من التوافق أو الاختلاف داخل المجلس، هم الأطراف المشرفين على الأوضاع والقائمين على رعايته وهما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية، والأمم المتحدة والمجموعة الدولية التي تدير المشهد، وهذه المجاميع السياسية التي تم مواءمتها مع بعضها وتشكيل المجلس الرئاسي منها، معظمها كانت موجودة في المشهد السياسي اليمني، لكن قد يكون تم تغيير تموضعها، فمثلا مجموعة الشرعية والإخوان المسلمين كانت مسيطرة وبقية الأطراف كانت مهمشة بشكل كبير".

نتائج ملموسة

وتابع بن سدة: "حسب ظني، من الصعب تحقيق نتائج ملموسة في القريب العاجل سواء كان على المستوى السياسي أو العسكري، إلا إذا كان هناك دفع من الدول الراعية وإشراف مباشر، أي لا تترك الأطراف اليمنية منفردة، خصوصا الأطراف الشمالية، الإشكالية الآن موجودة في الشمال "الحوثي"، والأطراف الشمالية وهم الأغلبية الموجودة في المجلس الرئاسي، والتي سوف تسيطر على القرار بشكل شبه كامل، وهذا يتناقض مع العمل بجدية وبشكل يتوافق مع ما ذهب إليه من يرعى هذا المجلس، من إزاحة الحوثي من الشمال والعمل بشكل جيد في الجنوب، لذا فالأمر يعتمد على المصداقية في المقام الأول وإلى بنية هذه القوى، هل ستنسجم مع بعضها البعض أم سوف تذهب في حالة صراع".

الإشكالية الكبرى

وحول الوضع في الجنوب وقضيته بعد تشكيل المجلس يقول المحلل السياسي: "منذ بداية عاصفة الحزم التي أطلقها التحالف، كان الجنوبيين صادقين في حسم المعركة مع الحوثيين "أنصار الله"، والذهاب إلى تعاون مع كل الأطراف الشمالية، لكن وبكل أسف ما حدث طوال سبع سنوات أو البوصلة تحولت بشكل كبير جدا، وبدلا من محاربة الحوثي في الشمال ذهبت لإعادة إنتاج نفسها في الجنوب، هذه الإشكالية خلقت نوع من التحفز الجنوبي تجاه القوى الشمالية التي كانت مسيطرة على الشرعية، ومن هنا بدأ الصراع داخل المنظومة التي يرعاها التحالف العربي من الجنوبيين والشماليين في الشرعية، والتساؤل هنا..هل هم يريدون استعادة صنعاء أن تكرار نفس السيناريو السابق الذي كان يقوده على محسن الأحمر، والذي كان هدفه الأول البقاء في السلطة والسيطرة على ثروات الجنوب وإرهاقه اقتصاديا، وترك الشمال للحوثي، والجنوبيون يتحدثون بكل وضوح بأنهم لن يتخلوا عن قضيتهم".

تفاؤل حذر

من جانبه يقول، رئيس الدائرة السياسية في مجلس الحراك الثوري للقوى التحررية الجنوبية، أيمن الحداد، إن المعضلة الأولى أمام المجلس الرئاسي الجديد، أنه لم يتشاور مع كل الأطراف الجنوبية، وتم التشاور مع طرفين فقط وهما السلفيين والمجلس الانتقالي، بينما تم إقصاء معظم المكونات الجنوبية.

وأضاف الحداد في حديثه لوكالة "سبوتنيك"، أنه رغم ما يشوب الاتفاق من عدم توازن إلا أن هناك حالة من التفاؤل تسود في ظل وجود المجلس الرئاسي، ونأمل أن يكون هناك نوع من الانفراج في المشهد السياسي، وأن يتم التشاور مع كل الأطراف المعنية بالأمر.

وأدى رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني اليمين الدستورية، الثلاثاء الماضي، أمام البرلمان في عدن، بحضور دبلوماسي دولي وخليجي وأممي، بمشاركة مبعوث الأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ والمبعوث الأميركي تيم ليندركينغ، وذلك تتويجاً لعملية نقل السلطة من الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي.

يذكر أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي كان قد أعلن في 7 أبريل/نيسان الجاري، نقل صلاحياته إلى مجلس قيادة رئاسي لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية في اليمن.

ومنذ بداية شهر رمضان، يشهد اليمن هدنة لمدة شهرين دعا إليها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ ووافقت عليها كل الأطراف، رغم تبادل الاتهامات الإعلامية بين أطراف الحرب بخرق الهدنة.

ورحب أعضاء مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، بالدعوة التي أطلقها غروندبرغ، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن، في الأول من أبريل/ نيسان الجاري لإعلان هدنة لمدة شهرين في اليمن والاستجابة الإيجابية من كافة الأطراف.

وأكد أعضاء المجلس في بيان لهم، الفرصة التي تتيحها هذه الهدنة لتخفيف المعاناة الإنسانية لليمنيين وتحسين الاستقرار الإقليمي، ووجهوا دعوة إلى جميع الأطراف إلى اغتنام الفرصة التي توفرها الهدنة والعمل مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة لإحراز تقدم نحو وقف شامل لإطلاق النار وتسوية سياسية شاملة.

وأعربوا عن دعمهم الكامل لجهود المشاورات السياسية التي يبذلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة، وكرر التأكيد على الضرورة الملحة لعملية شاملة بقيادة يمنية، تحت رعاية الأمم المتحدة، مشددين على أهمية مشاركة النساء بنسبة 30 في المائة على الأقل بما يتماشى مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني على النحو المشار إليه في القرار 2216.

ويشهد اليمن منذ نحو 7 أعوام معارك عنيفة بين جماعة الحوثيين وقوى متحالفة معها من جهة، والجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا مدعوما بتحالف عسكري عربي، تقوده السعودية من جهة أخرى لاستعادة مناطق شاسعة سيطرت عليها الجماعة بينها العاصمة صنعاء وسط البلاد أواخر 2014.

وأودى الصراع الدائر في اليمن منذ اندلاعه بحياة 377 ألف شخص، 40 % منهم سقطوا بشكل مباشر، حسب تقرير للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.