رغم مطالبة المشري...هل يتجه البرلمان الليبي لتغيير رئيس المفوضية العليا للانتخابات؟

قال نواب من البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة، إن تغيير رئيس المفوضية العليا للانتخابات يستوجب التوافق بين البرلمان والأعلى للدولة، باعتباره من المناصب السيادية.

وتتباين الرؤى بين النواب بشأن ما تحدث عنه رئيس المجلس الأعلى للدولة في وقت سابق، بشأن رغبته في تغيير رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح.

ويرى البرلمانيون أن مجلس النواب هو من يملك الآلية، لكن بالتوافق أو باستشارة المجلس الأعلى للدولة وفق الاتفاق السياسي في الصخيرات، فيما يرى البعض أن تغيير رئيس المفوضية في الوقت الراهن لا يمثل ضرورة، بالنظر للترتيبات التي تجرى بشأن الانتخابات، وأن بعض المناصب الأخرى أولى بالتغيير.

وفي نهاية عام 2021، أعلن عماد السايح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، أن عقبات أمنية وقضائية وسياسية شكّلت "قوة قاهرة" حالت دون إجراء الانتخابات.

وبعد قرابة ثمانية أشهر من تأجيل الاستحقاق، أعلن السايح بنهاية أغسطس/آب من العام 2022، زوال هذه "القوة القاهرة"، التي تعذر معها إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر /كانون الأول 2021.

وفي تصريحات سابقة مع "العربية"، قال المشري: "إنه إذا رفض عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة للحكومة الجديدة فسيتم اتخاذ إجراءات أخرى"، لافتا إلى أنه يجب تسمية رئيس جديد لمفوضية الانتخابات.

وفي يونيو/حزيران الماضي، أكد رئيس مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، أن قوانين الانتخابات التي أعدتها اللجنة المشتركة من مجلسي النواب والدولة "6+6" لم تُعرض على المفوضية قبل التصويت عليها وإقرارها من قبل اللجنة التي أعلنت الانتهاء من صياغتها وإقرارها في ختام اجتماعاتها بمنتجع بوزنيقة في المغرب.

من يملك تغيير السايح

من ناحيته قال عادل كرموس عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إن منصب رئيس المفوضية العليا للانتخابات هو أحد المناصب السيادية التي نص الاتفاق السياسي الليبي على ضرورة التوافق بشأنها بين مجلسي النواب والدولة".

وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن المجلسين قطعا في الملف نوعا من التوافق "جاري تطبيقه"، بشكل بطئ جدا نظرا لتضارب المصالح أحيانا، ولعرقلة بعض الأطراف الأخرى المستفيدة من استمرارها في هذه المناصب، وغيرها ممن تتضرر بشكل مباشر أو غير مباشر من التغيير.

فيما يقول البرلماني علي الصول، إن رئيس المجلس الأعلى للدولة لا يمكنه تغيير رئيس المفوضية العليا للانتخابات، وأن الأمر يتطلب التشاور مع مجلس النواب، الذي يقرر في النهاية تغييره من عدمه.

اختصاص مجلس النواب

وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن تغيير رئيس المفوضية من اختصاص مجلس النواب، وليس من سلطة رئيس الحكومة أو الأعلى للدولة الذي يعد "الجسم الاستشاري"، لكنه لا يتقاسم السلطة التشريعية مع البرلمان.

وأكد الصول استمرار المشاورات بشأن تشكيل الحكومة الموحدة الجديدة بين المجلسين من أجل الإشراف على الانتخابات.

في الإطار قال البرلماني عصام الجهاني، إن طلب تغيير رئيس المفوضية العليا للانتخابات يعد مناورة سياسية من المجلس، ربما لعدم استجابته في بعض التغييرات التي يريدها الأعلى للدولة.

وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن منصب رئيس المفوضية العليا ضمن المناصب السيادية، والتي يتم البت فيها بالتوافق بين المجلسين، بعيدا عن الحكومة.

يقول المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي محمد السلاك، إن التغيير يمثل أهمية، من ناحية ضخ دماء جديدة في المؤسسات السيادية الليبية.

تغيير المؤسسات الأخرى

وتابع السلاك: "كنا نأمل من السيد المشري كما تحدث عن تغيير رئيس المفوضية العليا للانتخابات، الدكتور عماد السايح، رغم بلائه الحسن، أن يتحدث أيضا عن تغيير محافظ المركزي، الذي يحكم المصرف منذ 2011، ولم تستطع أي مؤسسة مساءلته، فضلا عن تغييره، ورئيس ديوان المحاسبة، كذلك وباقي المؤسسات السيادية ماذا عنها؟".

وأوضح في حديثه مع "سبوتنيك"، أن مفوضية الانتخابات مؤسسة سيادية، والذي يملك حق تغيير رئاستها وفقا للاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات في المادة 12، هما مجلسا النواب والدولة، وهناك مسار لبحث هذه المسألة، انعقد في أكثر من مناسبة ولم يصل إلى نتيجة إيجابية بهذا الشأن.

الأولويات

وتابع السلاك: "لا أرى أي أهمية للخطوة في التوقيت الحالي، ونحن بصدد خارطة طريق تفضي إلى انتخابات وأمام إدارة تمرست في جل المسائل المتعلقة بالانتخابات وترتيباتها، وأظن أن هناك مؤسسات أخرى أولى بالتغيير".

في سياق آخر، طالب القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، بتشكيل لجنة عليا للإشراف على توزيع إيرادات النفط بين البلديات الليبية بشكل عادل، واصفا السفراء الأجانب لدى ليبيا بأنهم من صنعوا الأزمة وزرعوا الفتن بين الليبيين، جاء ذلك رداً على تصريحات السفير الأمريكي رتشارد نورلاد.

ووجّه حفتر عدة رسائل خلال لقاء مصور مع قيادات عسكرية وأمنية نشر على الصفحة الرسمية للقيادة العامة للجيش على موقع "فيسبوك" (التابع لشركة "ميتا" التي تخضع لعقوبات في روسيا بسبب أنشطتها المتطرفة)، مطالبا بتشكيل لجنة عليا للترتيبات المالية لتوزيع الإيرادات بطريقة عادلة بين البلديات كافة، متهماً مصرف ليبيا المركزي في طرابلس بارتكاب جرائم في الاعتمادات المستندية.

وقال حفتر إن "بيانات المصرف تفيد بأن الاعتمادات المستندية لعام 2022 جرى توزيعها على 1646 شركة، كان نصيب المنطقة الشرقية 7 في المئة ولم تحصل المنطقة الجنوبية إلا على 2 في المئة من مجموع هذه الاعتمادات".

ويأمل الشارع الليبي في إجراء الانتخابات الليبية التي لم يحدد موعدها حتى الآن، رغم توافق لجنة "6+6" على القوانين الانتخابية التي طالب البرلمان بإعادة النظر في بعض موادها.

ومن المرتقب أن يعلن البرلمان والأعلى للدولة الأسبوع المقبل عن خارطة الطريق الخاصة بالانتخابات، والتي تتضمن تشكيل حكومة موحدة جديدة للإشراف على الانتخابات.