كرة القدم الليبية تواجه تحديات في ظل اضطرابات تشهدها البلاد

تشهد الكرة الليبية تدنيا كبيرا في المستوى العام، حيث عانت لعقود طويلة من ضعف إعداد المنتخب والفرق، وواجهت صعوبات في الدوري الليبي بشكل عام.

يضاف إلى ذلك غياب الأمن الذي أثّر بشكل كبير على سير الكرة الليبية، حيث شهدت بعض المباريات تعديا وضربا للحكام وتعديا وترهيبا للاعبين في الملاعب الليبية، كما أن ليبيا سجلت غيابا كبيرا في المشاركات الكروية الدولية بسبب غياب التكنيك والدعم الفني، حسب المحللين الرياضيين.

في هذا الإطار يقول المحلل الرياضي أسامة يوسف إن الدوري الليبي لم يحظ بالايجابية منذ أعوام طوال، وأن الدوري هذا العام يعد في أفضل حالاته على المستوى الفني ومستوى الصفقات الخارجية التي جاءت إلى ليبيا، ومستوى المدربين في الوقت الحالي.

البنية التحتية الرياضية

وتابع الكابتن يوسف، في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أن وزارة الداخلية الليبية اتخذت بالاتفاق مع اتحاد الكرة الليبي خطوة حضور الجماهير للدوري الليبي، وذلك بعد قرار منع حضور الجماهير لسنوات طويلة.

وكان الجميع متخوف من حضور الجماهير للدوري بسبب أعمال الشغب والتعصب المصاحبة للمباريات، ولكنه قال إن هذا الأمر لم يؤثر على سير المباريات ولم يكن هناك تخوف من حضور الجماهير بشكل كبير خاصة في الحضور الكبير للأندية الكبيرة في الملاعب الكبيرة في ليبيا، كملعب النهر وملعب شهداء بنينا.

وأشار المحلل إلى وجود بعض الاختراقات الجماهيرية البسيطة وبعض الاعتداءات على بعض الحكام، كما مورست بعض عمليات التخويف والترهيب للفرق في بعض المدن، مؤكدا بأن أمر الاعتداءات على الحكام واللاعبين مرفوض بالكامل، وأن رد اتحاد الكرة ولجنة المسابقات كان حازم في بعض الخروقات، وأن الإجراءات التي اتخذت كانت حازمة إلى حد كبير.

وأوضح بأن ما ينقص الكرة في ليبيا ومشاركتها في اللقاءات الدولية هو غياب مشروع دولة ومؤسسات ومشروع عمل، معتبرًا أن كرة القدم أكبر من كونها لعبة، لأنها صناعة حقيقية حيث تعد دخل كبير لأغلب الدول لأن إيراداتها تصل لمليارات الدولارات، وتصدير اللاعبين للعالم أصبح مصدر دخل كبير جدا.

وقال إن غياب الرؤى والاستراتيجية لصناعة مشروع كرة القدم من الدولة والاتحاد الليبي لكرة القدم أو وزارة الرياضة بإنشاء ملاعب حقيقية وبنية تحتية مما سبب مشكلة كبيرة للعبة في ليبيا، بالإضافة إلى غياب العمل على مستوى القاعدة، لأن المنتخبات العالمية والأندية العالمية بنت منتخباتها على مشروع عمره ثمانية سنوات واثني عشر سنة، على غرار اليابان وكوريا الجنوبية، أي أن هناك دول كانت بعيدة عن خارطة كرة القدم في العالم ولكن بنت مشاريعها على سنوات قادمة، ولاسيما كرة القدم الانجليزية التي بنت مشروع كبير وها هي اليوم تحصد نتاج هذا المشروع من الناحية الاقتصادية والفنية.

وتابع أسامة يوسف، قائلا إن عدم استقرار الدولة وعدم استقرار الوضع الأمني والاقتصادي خلال السنوات الماضية جعل ليبيا تلعب خارج أراضيها سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات، وسبب هذا الأمر مشكلة كبيرة للمشاركات الليبية، ولكن الآن أصبح اللعب مسموح به على الأراضي الليبية لأن اللعب على أرضك وبين جماهيرك له تأثير كبير على الفرق والمنتخبات والجميع يعلم ذلك.

واعتبر أن غياب البطولات الدولية لليبيا مشروع طويل يحتاج لفترة زمنية وبناء فرق ومنتخبات وأندية على امتداد مشروع لا يقل عن 4-12 سنة، وهذه استراتيجية متعارف عليها في كل دول العالم.

وأوضح أن هناك مشكلة كبيرة تتمثل في المسؤولين على الرياضة في ليبيا، لأن هناك صرف كبير جدا على الأرض وأغلبها مخصص لكرة القدم وهناك إهمال كبير للألعاب الجماعية والفردية خاصة كرة السلة والطائرة التي حققت نتائج إيجابية على المستوى الإفريقي والعربي، وأكبر دليل على ذلك وصول منتخب السلة للنهائيات في البطولة العربية التي أقيمت في القاهرة، كما أن منتخب كرة السلة يمر بأفضل مراحله في المشاركات الدولية والنتائج التي حققها مرضية جدا.

وشدد المحلل على ضرورة أن تفكر الدولة في البطولات الاولمبية، لأن دولة بحجم ليبيا لا تملك في رصيدها أي ميدالية أولمبية مقارنة بدول أخرى أقل من مستوى الدولة الليبية، نتيجة لغياب المشروع الحقيقي، كان من المفترض أن تعمل الدولة على إعداد الأبطال للمشاركات الفردية في البطولة الاولمبية، وكل الأبطال الذين شاركوا بشكل فردي جاءت مشاركاتهم نتيجة جهود أولياء الأمور الذين بذلوا جهد كبير في إعداد أبناءهم وهذا الأمل الوحيد لوصول ليبيا لمنصات التتويج.

غياب الاستراتيجية

من جانب آخر، يرى المحلل الرياضي خيري القاضي أن الرياضة الليبية متوترة في ظل عدم استتباب الأمن بالشكل الطبيعي والمتعارف عليه، لكن الأمور لازالت تسير بشكل مقبول نوعا ما.

واعتبر القاضي تعرض بعض الحكام واللاعبين للضرب يأتي بسبب غياب القوانين الرادعة والتعصب الكبير في الأندية والجماهير الرياضية، يأتي ذلك في ظل غياب القوى الأمنية والضوابط الأمنية المناسبة في مثل هذه الظروف.

وقال القاضي إن تعطل الجوانب القانونية في ليبيا وعدم تمكن الحكام واللاعبين من الحصول على حقهم بالقانون أدى هذا الأمر إلى استباحة وزيادة الخروق في موضوع التعدي على الحكام ووجود بعض المضايقات، كما أن بعض الملاعب الليبية تستخدم فيها ألفاظ نابية أو عنصرية، ووجود الثعابين والأفاعي وهذه الظاهرة لم تشاهد من قبل.

وأوضح المحلل الرياضي أن غياب ليبيا عن البطولات العالمية والدولية ليس جديد، لأن شمس ليبيا لا تشرق كثيرا في البطولات الدولية باستثناء بعض المناسبات التي تعد على أصابع اليد الواحدة بسبب غياب الإستراتيجية الواضحة وغياب العمل على مستوى الفئات السنية، وغياب تكوين القاعدة الأساسية، وغياب الإدارة الرياضية الحقيقية.

واختتم القاضي بقوله إن الوضع الرياضي في ليبيا ينتعش في بعض الأحيان، وتصاحبه الكثير من الخيبات في أحيان أخرى، وهذا بسبب التخبط والفشل الإداري والكفاءات المناسبة، والطاقات الشبابية في جل الاتحادات الرياضية، مع تكرار نفس الأسماء منذ عشرات السنين.