انضمام لبنان الذي جاء على هامش أعمال الدورة (153) لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية، طرح تساؤلات مهمة بشأن مدى إمكانية مساهمة هذه الخطوة في إنقاذ الاقتصاد الذي شارف على الانهيار.
صدمة إيجابية
زياد ناصر الدين، المحلل الاقتصادي اللبناني، قال إن "انضمام لبنان للاتفاقيات العربية أمر ليس فيه مشكلة، ومن المفترض أن يكون مصدرًا إيجابيًا، لكن المشكلة الآن في الواقع اللبناني الذي بات معقدًا بشكل كبير".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "المهم هنا مدى اقتناع الدول العربية بضرورة مساعدة لبنان، حتى الآن لا توجد إشارات إيجابية من بعض الدول، لكن دول أخرى أبدت استعدادها لاستقبال رئيس الحكومة الجديد، من ضمنها مصر والتي لها دور ريادي وكبير في هذا الأمر".
وتابع: "الاقتصاد اللبناني في أزمة ويحتاج إلى صدمة إيجابية كبيرة، وهذه الصدمة لن تكون إلا عن طريق التعاون والتكاتف بين الدول العربية، خصوصا وأن لبنان لم يكن في أي مرحلة من المراحل مصدر قلق اقتصادي على أي دولة عربية".
وأكمل: "على العكس، النظام المصرفي في لبنان كان حاميًا للودائع العربية، وكان مرحبًا بكل إيجابية بأي مشروع عربي استثماري، لبنان يحتاج إلى تعامل حقيقي خارج عن الشروط السياسية".
وأشار إلى أن "للبنان أهمية كبرى يجب أن تدركها الدول العربية، منها موقعها الجغرافي، ومستقبلها النفطي، وأنها ستكون بوابة الإعمال في سوريا، إضافة إلى أن سقوط لبنان مؤشر خطر على المنطقة العربية برمتها".
نتيجة عكسية
من جانبه، قال الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، إن "لبنان اليوم يعاني من خلل في بنيته الاقتصادية بحيث تحول اقتصاده على مدى ثلاثين عامًا إلى اقتصاد ريعي يعتمد على الاستهلاك بشكل كبير".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هذا أدى إلى ظهور عجز كبير في الميزان التجاري بلغ حوالي 85 بالمئة من حركة التجارة مع الخارج، وهذا دفع إلى وجود عجز أيضا في ميزان المدفوعات بلغ في سنة 2019 حوالي 6 مليارات دولار أمريكي، مما أدى إلى انخفاض احتياطي العملات الصعبة لدى مصرف لبنان المركزي من حوالي 44 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية إلى حوالي 30 مليار دولار حاليا".
وتابع: "كما ضاعفت بعض الأحداث في حصول ذلك لا سيما الأزمة السورية والعقوبات الأمريكية على بعض المصارف والأشخاص والتي أثرت بدورها على حركة الرساميل والتحاويل المتجهة إلى لبنان".
ومضى قائلًا: "اتفاقية أغادير كما كل الاتفاقيات التي وقعها لبنان سيكون لها تأثير سلبي بعد القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية بالتوجه الى إقامة اقتصاد منتج بدل الاقتصاد الريعي، وبالتالي حماية الإنتاج اللبناني الزراعي والصناعي من المنافسة الأجنبية، خاصة أن كلفة الإنتاج اللبناني مرتفعة قياسا لدول أخرى، لعدم وجود بنية تحتية سليمة، ولعدم وجود دعم لهذه القطاعات الإنتاجية في لبنان، مما يجعل المنافسة في ظل عدم الحماية أمرًا مستحيلًا".
أزمة اقتصادية
ويناير/كانون الثاني الماضي، أقر مجلس النواب الموازنة الجديدة بموافقة 49 نائبًا ومعارضة 13 وامتناع 8 نواب، وأشار إلى أنه من المتوقع أن تصل النفقات إلى 18.232 مليار ليرة (12,1 مليار دولار) يُضاف إليها سلفة لشركة كهرباء لبنان بقيمة حوالي مليار دولار، على أن تتقلص الإيرادات إلى 13,395 مليار ليرة (8.9 مليار دولار)، وفقا للوكالة الوطنية للإعلام.
وكان وزير المال اللبناني، علي خليل، قد وقع في سبتمبر/ أيلول الماضي موازنة 2020 ورفعها للأمانة العامة لمجلس الوزراء لمناقشتها، قبل أن تندلع الاحتجاجات في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فيما لم ينجح المجلس بتمريرها.
وذكر خليل حينها أن "نسبة العجز في موازنة 2020 أقل من موازنة 2019"، دون تقديم أرقام. وكانت موازنة 2019 استهدفت خفض العجز إلى 7.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 11.1 بالمئة في 2018.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجل عجز الموازنة اللبنانية حوالي 9.75 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2019 وهو ما يفوق استهداف الحكومة.
ويواجه لبنان عدة استحقاقات مالية مهمة في الفترة المقبلة، منها استحقاق سداد سندات اليوروبوند، قيمتها 1.2 مليار دولار تستحق في 9 مارس/آذار المقبل، يتبعه استحقاقان آخران في أبريل/نيسان، ويونيو/حزيران المقبلين بقيمة 2.5 مليار دولار.