عقب التصريحات المصرية، توالت البيانات العربية المؤيدة لموقف القاهرة والودان ودعم حل الأزمة، إلا أن البيان القادم من الأراضي الليبية كان له حالة خاصة لما يحمله من دلالات، خاصة أن الفترات الماضية خلال فترة الوفاق، لم تكن القاهرة وطرابلس على توافق تام.
وأضاف الدبيبة في تغريدته على موقع "تويتر"، الأربعاء: "نؤكد دعمنا الكامل للأشقاء في مصر والسودان فيما يتعلق بسد النهضة، وندفع نحو الوصول إلى حل عادل للجميع".
الخبراء يرون أن تأييد دبيبة يفتح الباب ربما لمرحلة مغايرة بين القاهرة وطرابلس، خاصة أن بعض التخوفات أحاطت بـ" دبيبة" بشأن علاقته بالأطراف التي تقف على الجهة الأخرى من القاهرة في الملف الليبي، وعلى رأسها أنقرة.
المسار السياسي
من ناحيته قال رمزي الرميح، مستشار المنظمة الليبية للدراسات الاستراتيجية، إن تصريح رئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة، جاء في إطار رد الجميل لمصر التي وقفت إلى جوار ليبيا طوال الفترة الماضية، خاصة في دعمها للمسار السياسي الذي تمخض عنه الحكومة الحالية.
الزيارة الأولى
كانت أول زيارة علنية لـ" دبيبة" إلى القاهرة، وهو ما يفسره الرميح بأنه يعي قدر وأهمية مصر وضرورة الحفاظ على العلاقات القوية معها، ومن ثم فإنه يعي أهمية الحفاظ على الأمن القومي الشامل لمصر، وساء فيما يتعلق بالماء أو الجانب الأمني.
وأضاف الرميح في حديثه لـ"سبوتنيك" أن التصريح يشير إلى تفهم الدبيبة ضرورة التنسيق والتوافق في الفترة المقبلة مع القاهرة، وأن تصريحاته جاءت بالتوازي مع التصريحات العربية الأخرى.
الرميح يرى أن الخلافات التي كانت بين القاهرة وبعض العواصم الأخرى بشأن ليبيا تظل محل ترقب من الجميع، وأن أي مسؤول أجنبي لا يمكنه الرهان على أي عاصمة ضد القاهرة بسبب العديد من العوامل التي تربط مصر بليبيا.
القاهرة تراقب تحركات الدبيبة بدقة، خاصة في ظل خطوات عدة قادمة يمكن أن تساهم فيها، هذا ما يؤكده الرميح، وأن الدبيبة يبرهن على ما قاله في القاهرة.
في الإطار قالت الكاتبة عفاف الفرجاني، إن الجانب الليبي أدرك تماما صدق نوايا القاهرة تجاه ليبيا، وأنها تسعى بالفعل لاستقرار وبناء ليبيا، خاصة وأن المشهد السياسي الحالي ترتب على مبادرة إعلان القاهرة.
في حديثها لـ"سبوتنيك"، ترى الفرجاني أن تصريح رئيس الحكومة الليبية يعبر عن حقيقة الواقع التي تؤكد أن الأمن القومي الليبي والمصري لا ينفصلان، وأن كل منهما له نفس الأهمية للآخر.
وشددت الفرجاني على أن التنسيق بين البلدين وتوطيد العلاقات بشكل أكبر والانفتاح على جميع المستويات فيه فائدة مشتركة للجانبين، وهو ما يفسره تصريح رئيس الحكومة ويعيه كل مسؤول في الجانبين.
امتداد الأمن القومي بين البلدين
من ناحيته، قال الباحث السياسي أحمد الصويعي، إن الجانب الأمني حساس جداً خاصة فيما يتعلق بدول الجوار.
ويرى الصويعي أن الأمن القومي لمصر هو امتداد للأمن القومي لليبيا والعكس، وأن أي خطر يمس بأحد البلدين يعني احتمالية أن يتهدد الأمن في البلد الآخر، سواء كان ذلك التهديد أمني بشكله ومفهومه المعروف أو في صورة أمن مائي.
رسالة الدبيبة تكمن في التعبير عن وحدة المصير المشترك بين البلدين، وأن الشعب الليبي لا يقبل بالمس بأمن مصر وأن ليبيا ستكون سند وعون لها متى ما استدعت الضرورة ذلك.
تغير استراتيجي
يرى الصويعي في حديثه لـ "سبوتنيك"، أن هذا الموقف تكمن أهميته في كونه قد يفتح باب محور تغيير استراتيجي بين طرابلس والقاهرة على عدة مستويات عدة، لتجاوز أزمات السنوات الماضية وتجسير العلاقة بين البلدين، بما يعود عليهما بالنفع والفائدة.
وأضاف: "معركتنا معركة تفاوض والعمل العدائي مرفوض، لكن لن يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر ومن يريد أن يجرب فليجرب".
وفي ظل تعثر المفاوضات، اقترحت السودان وأيدتها مصر، وساطة رباعية للمفاوضات تشمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بجانب الاتحاد الأفريقي، وهو ما ترفضه أديس أبابا.
بدأت إثيوبيا بناء سد النهضة عام 2011 من دون اتفاق مسبق مع مصر والسودان وتقول تقول أديس أبابا إن هدفها من بناء السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
فيما يخشى السودان من تأثير السد على انتظام تدفق المياه إلى أراضيه، بما يؤثر على السدود السودانية وقدرتها على توليد الكهرباء، وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.