أعلنت بريطانيا التي تعرضت ناقلتها النفطية للاحتجاز من قبل إيران في مضيق هرمز، عن خطط لتشكيل قوة بقيادة أوروبية لحماية الملاحة في منطقة الخليج.
دعوة بريطانية
أعلنت الحكومة البريطانية عن خطط لتشكيل قوة بقيادة أوروبية لحماية الملاحة في منطقة الخليج، وذلك عقب احتجاز إيران لناقلة نفط ترفع العلم البريطاني في مضيق هرمز.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت أمام البرلمان إن المهمة المقترحة لحماية الملاحة لن تكون ضمن السياسة الأمريكية الرامية إلى ممارسة أقصى درجة من الضغوط على إيران.
وقال ثلاثة دبلوماسيين كبار في الاتحاد الأوروبي أمس الثلاثاء إن فرنسا وإيطاليا وهولندا والدنمارك تدعم مهمة بحرية بقيادة أوروبية لضمان أمن الملاحة عبر مضيق هرمز، وذلك بعد أن اقترحت بريطانيا الفكرة عقب احتجاز إيران لناقلة نفط.
دبلوماسية المملكة
الدكتور عادل درويش، المحلل السياسي والصحفي المعتمد لدى مجلس العموم البريطاني، قال إن "قرار بريطانيا بتشكيل قوى أوروبية مشتركة لحماية الملاحة في منطقة الخليج، جاءت بعد أن استولت إيران بعملية قرصنة وانتهاكًا للقانون على ناقلة تحمل علم المملكة المتحدة، في وقت كانت مدمرة إسبانية تقف عند مدخل الخليج، ولم يصدر عنها أي ردة فعل، ولن تحرك ساكنًا".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "العمليات الاستفزازية التي تقوم بها إيران تقول إنها تأتي ردًا على احتجاز ناقلتها في مياه جبل طارق، وهي مياه إقليمية بريطانية، في وقت كانت حكومة جبل طارق التابعة للتاج، تنفذ قانون الاتحاد الأوروبي بفرض حصار على بشار الأسد في سوريا".
وتابع: "بالتالي بريطانيا تتعرض لقرصنة وعمليات إرهابية من إيران، ردًا على تنفيذ قوانين الاتحاد الأوروبي"، مؤكدًا "أن الدبلوماسية البريطانية تحرج الاتحاد الأوروبي".
وأشار إلى أن "البحرية الفرنسية هي ثاني أقوى بحرية بعد البحرية الملكية، وإذا لم تشترك فرنسا في ذلك ستكون في وضع شديد الحرج".
وأكد أن رئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون تجمعه علاقة طيبة بأمريكا، وسيقبل ما رفضته تريزا ماي وهو الاشتراك مع أمريكا والتي عرضها الرئيس ترامب وحتى الآن لم تقبلها بريطانيا".
دوريات أنجلو أمريكية
وعن تشكيل القوى البحرية في حال عدم مشاركة فرنسا عسكريًا، قال درويش: "سنعود إلى ما كنا عليها في الحرب العراقية الإيرانية، وتكون هناك دوريات بحرية أنجلو أمريكية، وبالتالي تنخفض شعبية الاتحاد الأوروبي في الشارع البريطاني".
ومضى قائلًا: "إذا كان الرئيس الفرنسي يتمتع بحنكة دبلوماسية سيشارك، لأنه إذا لم يشارك سيبدو هناك ضعف الاتحاد الأوروبي الذي تعول عليه إيران تعويلا كبيرا وتراهن عليه في أن يلعب دورًا في إعادة صياغة الاتفاق النووي بشكلب يرضي طهران".
وأوضح أن "انتخاب جونسون الآن كرئيس للوزراء القادم سيجعل كل القوى الأوروبية تعيد التفكير في موقفها من قضيتي البريكست والعلاقة الأنجلو أمريكية، على حساب العلاقة البريطانية الأوروبية، ويدخل في إطارها مسألة أمن الخليج".
وبسؤاله عن قوة تأثير جونسون على فرنسا، أجاب: "الورقة الأمريكية والعلاقة الشخصية بين رئيس الوزراء الجديد وترامب ستكون أهم ورقة في يد لندن، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، الاتحاد الأوروبي، التعامل مع القضايا الدولية، أو حتى الاقتصاد".
مشاركة فرنسية
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هناك إمكانيات لوجستية ضخمة لدى فرنسا، فهناك قاعدة موجودة في جيبوتي يمكن أن تشارك في تسهيل الملاحة البحرية بمضيق باب المندب، وأيضا هناك معاهدات مع دولة الإمارات العربية المتحدة وبالتالي يمكن أن يكون هناك تنسيق، وفيما يتعلق بمضيق هرمز هناك قاعدة فرنسية موجودة هناك".
وتابع: "من حيث الإمكانيات اللوجستية والمصالح الاقتصادية والسياسية، والرغبة الفرنسية التقليدية في الحضور السياسي بمنطقة الشرق الأوسط، سوف تدفع الجانب الفرنسي إلى المشاركة سواء في تفاهم دولي لحماية الملاحة، وهذا ما تسعى إليه الولايات المتحدة، أو من خلال التعاون على المستوى الأوروبي، خصوصا مع بريطانيا وألمانيا".
دول تعول عليها بريطانيا
وبشان الدول التي تعول عليها بريطانيا، قال العلي، إنه "من حيث الدور والحضور السياسي، تعول بريطانيا على فرنسا وألمانيا بقوة باعتبارهما عماد الاتحاد الأوروبي في هذا التوقيت".
واستطرد: "أما من حيث القوة، فكل الدول الأوروبية لديها الإمكانيات، إذا تم التوافق بينهم، وتم توحيد هذه الدول من أجل إيجاد قوى عسكرية تستطيهع حماية الملاحة البحرية، ولكن من حيث القوة الاقتصادية والسياسية أعتقد أن بريطانيا تعول على ألمانيا وفرنسا في هذه النقطة".
ودلل الباحث السياسي على حديثه بالقول، إن "العام الماضي وخصوصا بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران، شهد تنسيقًا بريطانيًا مع كل من ألمانيا وفرنسا بالرغم من البريكست وأن بريطانيا سوف تخرج من الاتحاد الأوروبي، ولكن هناك ما يشبه التفاهم بين هذه الدول على صعيد ملفات السياسية الخارجية والملفات الدولية الهامة".
أزمة الناقلة
كان الحرس الثوري الإيراني قد سيطر على ناقلة النفط البريطانية "ستينا إمبيرو" في مضيق هرمز، وقالت إيران إن الناقلة خالفت قوانين الملاحة الدولية.
وبث تسجيل لاتصالات لاسلكية بين الحرس الثوري الإيراني والناقلة البريطانية، وسمع الحرس الثوري يقول إنهم يريدون تفتيش الناقلة لأسباب أمنية.
وقالت وكالة أنباء "إرنا" الرسمية الإيرانية إن الحرس الثوري سيطر على الناقلة بعد أن اصطدمت بسفينة صيد، ولم ترد على اتصالات إيرانية.
وقال وزير الخارجية البريطاني إن الحرس الثوري سيطر على الناقلة بشكل غير قانوني في المياه الإقليمية العمانية، قبل أن يجبرها على التوجه إلى ميناء بندر عباس.
وجاء الاستيلاء على الناقلة بعد أسبوعين من مشاركة البحرية البريطانية في احتجاز ناقلة النفط غريس 1 في مضيق جبل طارق.
وقال هنت إن الاستيلاء على الناقلة الإيرانية كان "قانونيا" لكن إيران وصفت العملية بـ"القرصنة"، وهددت بالاستيلاء على ناقلة بريطانية.