محللون: المبادرات والوساطات الخارجية لن تنجح.. وهذا هو السيناريو الوحيد لحل الأزمة في السودان

لا تزال كل المبادرات والوساطات في السودان تدور في حلقة مفرغة منذ الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين أول الماضي، حيث تأخذ التظاهرات الرافضة لإجراءات البرهان منحنى تصعيدي منذ ذلك التاريخ وترفض أي حوار مع العسكر، الأمر الذي يسير بالبلاد إلى السيناريو الأخطر"الفوضى".

فهل تنجح الوساطات الإقليمية والدولية والمساعي الداخلية في تجنيب البلاد سيناريو الانهيار؟

بداية يقول المحلل السياسي السوداني، خضر عطا المنان، في الحقيقة كل الجهود الآن سواء على الصعيد الإقليمي من قبل بعض منتسبي الاتحاد الإفريقي، أو من المجتمع الدولي ممثلا في فولكر المبعوث الأممي، بالإضافة إلى أن هناك بعض التيارات في الداخل تعمل باجتهاد لوضع سياسة جديدة لواقع جديد، خاصة بعد استقالة حمدوك"رئيس الحكومة المستقيل"، والذي بذل جهودا مضنية في سبيل معالجة الخلل الذي عانينا منه على مدى ثلاثون عاما على الصعيد الاقتصادي والسياسي بشكل عام.

عقبات شديدة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن رئيس الحكومة السابق عبد الله حمدوك لم يدخر جهدا في سبيل تصحيح تلك الأوضاع قبل أن يقدم استقالته، لكن أصحاب الأجندة الخاصة ومن تضررت مصالحهم من منتسبي النظام السابق، ويسعون الآن لاستخدام بعض الأساليب الغير إنسانية لتجميع إمكانياتهم في الداخل والخارج من أجل العودة مجددا للهيمنة على المشهد السياسي في السودان.

وتابع المنان، كل الجهود المبذولة الآن بشكل عام تقابل عقبات شديدة جدا، لأنه ليس هناك الوفاق المطلوب من قبل الكيانات المشكلة للمشهد السياسي في السودان وتلك هى المعضلة الكبرى، لذا فإن كل الجهود تصطدم بهذا الواقع، حيث نجد أنه بعد استقالة حمدوك هيمن العسكر على المشهد، وهم الآن فقدوا طريقهم ولا يعرفون الآن إلى أي الاتجاهات يسيرون، بعد أن تعطلت كل المشاريع التي صنع أرضيتها الدكتور عبد الله حمدوك.

خلف الكواليس

وأوضح المحلل السياسي أن كل الأخبار تؤكد أن الأمم المتحدة تجري خلال هذه الفترة حوارات خلف الكواليس مع رئيس الوزراء السابق والكثير من السياسيين السودانيين يطالبون بعودته ليستكمل ما بدأه، وإلا سوف تظل الأمور في حلقة مفرغة تدور حول نفسها دون الوصول إلى أهداف الثورة السودانية.

السيناريو الوحيد

بدوره يقول المحلل السياسي السوداني، الدكتور ربيع عبد العاطي، إن الداخل السوداني بشكل عام يرفض التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية، ولا أعتقد أن هناك قوة خارجية يمكن أن تملي إرادتها على شعب حر وله تاريخ.

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الحل الوحيد هو استكمال مؤسسات الانتقال من مجلس تشريعي ومحكمة دستورية ومفوضية انتخابات، واستعداد الجميع لانتخابات يتم مراقبتها مراقبة دوليا لتسليم السلطة لحكومة منتخبة، وخلافا لذلك هي الفوضى وشريعة الغاب، كما تتمنى أحزاب الأقليات من بعثية و شيوعية ومن يسير في فلكهم.

مرفوض شعبيا

وأكد عبد العاطي أن دعوة قوى الحرية والتغيير لجمع الفرقاء السياسيين مرفوضة شعبيا، .وأي شراكة حزبية غير مرحب بها، التجربة الوحيدة التي حظيت بالقبول لدى السياسيين كانت على يد الفريق عبدالرحمن سوار الذهب، وعلى الأحزاب العودة لقواعدها وتنظيم نفسها للانتخابات، وأن يتم إدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية بكفاءات مستقلة غير حزبية وهذا هو الرأي الغالب.

وأشار المحلل السياسي إلى أنه من غير الممكن أن يكون هناك إجماع على أي خطة أو هدف سياسي، هذا الأمر بعيد المنال إن لم يكن مستحيلا، ولكن يفترض أن تكون كل الخطط والسيناريوهات التي يتم إعدادها موضوعية وواقعية ترافقها إجراءات فترات انتقال سابقة، وهناك شبه إجماع لتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية.

أكد المكتب القيادي للحرية والتغيير الميثاق الوطني على أهمية الحوار والوفاق بشأن القضايا الوطنية للخروج بالبلاد إلى بر الأمان لتجاوز المرحلة التي تمر بها البلاد حاليا.

وذكر المكتب خلال اجتماعه أمس السبت أن الانقسام وعدم قبول الآخر "أقعد البلاد وعطل مصالح المواطنين ووضع البلاد في مرحلة تقتضي تضافر الجهود وتناسي الخلافات الحزبية والنظر لمصالح الوطن بروح المسؤولية"، بحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية.

وشدد أعضاء المكتب القيادي على التزامهم الكامل بالحوار وقبول الرأي الآخر وانفتاحهم على الجميع ورفضهم لانفراد أي جهة بالسلطة وإقصاء الآخر.

وقال التوم هجو رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي إن الميثاق الوطني شريك أصيل في المشهد السياسي، وتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة توسيع الشراكة والعمل على ميثاق لتوافق كافة القوى السياسية السودانية.

وذكر هجو أن اجتماع المجلس ناقش ضرورة إيجاد هيكلة فعالة وانشاء مجلس رئاسي لجسم الحرية والتغيير الميثاق الوطني وأمانة متخصصة لكل أمين عام بجانب تحديد ناطق رسمي.

وكان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان قد حل مجلسي السيادة والوزراء وأعلن حالة الطوارئ في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

ويشهد السودان احتجاجات متواصلة في عدة مدن وولايات، تلبية لدعوات من قوى سياسية تعارض الإجراءات التي اتخذها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

وتضمنت هذه الإجراءات، إعادة تشكيل المجلس السيادي، واعتقال عدد من المسؤولين، والإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك ووضعه قيد الإقامة الجبرية؛ قبل أن يعيده إلى منصبه بموجب اتفاق بينهما، في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.

غير أن حمدوك أعلن، في 2 كانون الثاني/يناير الماضي، استقالته رسميا من منصبه؛ على وقع الاحتجاجات الرافضة للاتفاق السياسي بينه وبين البرهان.

ومؤخرا، وجه رئيس مجلس السيادة السوداني، بالشروع في الإجراءات العملية للانتخابات في تموز/يوليو 2023.

إلا أن عددا من القوى السياسية الفاعلة في الشارع، ترفض الحديث عن أي إجراءات انتخابية، في الوقت الحالي؛ معتبرة أن المناخ السياسي والأمني يحتاج إلى تهيئة أفضل.