بعد قرض البنك الدولي.. هل ينجح صندوق تطوير الصناعة في تحسين البيئة الاقتصادية بالأردن؟

في خطوة وصفها المراقبون بـ "الاستراتيجية" لتوفير الدعم للقطاع الصناعي والمساهمة في توفير فرص عمل للأردنيين، وافق البنك الدولي على تمويلٍ بقيمة 85 مليون دولار، لمشروع مساندة صندوق دعم وتطوير الصناعة في الأردن.

ويهدف المشروع إلى تعزيز الاستثمارات والصادرات في قطاع التصنيع من خلال تفعيل دور صندوق دعم وتطوير الصناعة الجديد. وأشار البنك الدولي، إلى أن الأردن يحتاج، وبشكل عاجل، إلى خلق فرص عمل شاملة وواسعة النطاق لتعزيز التعافي القادر على الصمود من أزمة جائحة كورونا، بحسب صحيفة الغد.

وأكد أن هذا الأمر يتطلب أن تتحول البلاد نحو نموذج نمو يتسم بالكفاءة والفعالية في استخدام الموارد وحُسن إدارتها، كما يستند إلى قطاعي التصدير والاستثمار.

وقال البنك إن قطاع التصنيع الأردني، وهو واحد من أكبر جهات التشغيل في الاقتصاد الأردني، عانى من نقص حاد في السيولة النقدية خلال جائحة فيروس كوونا المستجد. وبغرض تنويع صادرات الأردن وتوسيعها، وإيجاد المزيد من فرص العمل، تحتاج الشركات في الوقت الحالي إلى الانتقال من وضع جاهدت فيه للبقاء والاستمرار في فتح أبوابها إلى مستوى جديد من القدرة التنافسية.

دعم مطلوب

اعتبرت لما جمال العبسة، الخبيرة الاقتصادية الأردنية، أن موافقة البنك الدولي على تخصيص قرض بفوائد متدنية لدعم صدوق تنمية الصناعات بالأردن، والذي شكله مؤخرًا مجلس الوزراء، خطوة في الاتجاه الصحيح، ويزيد من مخصصات الصندوق التي بدأت بـ 57 مليون دولار، وبعدها رفعت الحكومة التخصيص ليصل إلى 110 مليون دولار، بالإضافة للقرض الجديد الذي يبلغ قيمته 85 مليون دولار.

وأضافت في حديثها لـ "سبوتنيك"، أن القطاع الصناعي في الأردن أكبر المتأثرين بجائحة كورونا، حيث أن الكثير من الصناعات توقفت عن الإنتاج بسبب قلة الطلب عليها في ظل كورونا، والكثير من العمالة فقدت وظائفها بسبب تعثر المصانع، وارتفعت الكلف مع ارتفاع كلفة الاستيراد من الخارج بسبب ارتفاع كلف النقل، بالإضافة إلى الأعباء الداخلية وارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج، مثل الجمارك وارتفاع ضريبة الدخل، وشح الأيدي العاملة، والقدرة التنافسية للمنتج الأردني، حيث أصبح المنتج الأردني مرتفع الكلفة في ظل هذه التكاليف مجتمعة سواء بسبب ظروف وعوامل خارجية أو داخلية.

وترى العبسة أن هذا القرض من شأنه أن يعيد النشاط للشركات الصناعية، لكنها أكدت على ضرورة عدم تخصيص الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة، بل لا بد وأن يشمل الشركات الكبرى التي تأثرت أيضا، مطالبة الحكومة بالتوصل لتفاهمات بين الصناعات المشابهة للدمج وتكوين تكتلات قادرة على الإقناع أكثر سواء في السوق الداخلية أو الخارجية.

وأوضحت أن القطاع الصناعي في الأردن بحاجة ماسة للدعم، والمطلوب ليس تقديم الدعم المالي فقط، بل إيفاء الحكومة بما تعهدت به، من خفض تكاليف الطاقة للشركات الصناعية لدعمها، فإذا ظلت هذه الأسعار عند المستويات المرتفعة الحالية، فأي تمويل أو قرض أو منحة لن تجدي نفعًا مع هذه الشركاتت.

وأكدت على ضرورة توفير بيئة جيدة ومناسبة للشركات والمصانع بالتزامن مع هذه المساعدات، من أجل استغلال القطاع الصناعي الذي يمكن أن يكون داعمًا أساسيًا لتوفير فرص العمل للشباب، خاصة أولئك الذين لا يحملون الشهادات الجامعية، بدلا من استيراد العمالة من شرق أسيا، لدى الأردن عمالة مؤهلة أو قابلة للتأهيل.

وترى العبسة أن هذا المشروع يساهم في خفض نسبة البطالة في الأردن، لكن الحكومة عليها أن تشترط على المصانع الاستعانة بالمواطن الأردني بدلا من العمالة الأجنبية مثل دول الخليج، ولا بد أن تكون رواتب الموظفين ضمن المعقول وتتناسب مع ارتفاع كلف المعيشة والتضخم.

تحديات صعبة

بدوره اعتبر الدكتور نضال الطعاني، المحلل السياسي وعضو مجلس النواب السابق، أن الدولة الأردنية تعاني من تحديات اقتصادية صعبة، خاصة في قطاع الصناعة الذي يعتبر من القطاعات التي تأثرت كثيرًا بجائحة كورونا، وارتداداتها الاقتصادية.

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، وفي ظل هذه الأزمات وارتفاع فاتورة الطاقة وعدم حماية الصناعة الأردنية، وصعوبة الوصول للأسواق الخارجية، أخذت الدولة الأردنية على عاتقها توفير الدعم الاقتصادي المطلوب لمجابهة كل التحديات والخسارات المتلاحقة في قطاع الصناعة.

وتابع: "لذلك جاء التوافق مع البنك الدولي في دعم الصناعات الأردنية التي تأثرت بشكل مباشر وغير مباشر، وهذا القرض من شأنه أن يدعم قطاع مهم وأساسي يمكنه مجابهة البطالة وتحريك العجلة الاقتصادية للأمام وخاصة بعد التعافي من جائحة كورونا".

ميزة تنافسية

في السياق، اعتبرت الدكتورة صباح الشعار، عضو مجلس النواب الأردني السابق، أن قرض الصندوق الدولي خطوة مهمة في ظل ظروف اقتصادية صعبة جدا بعد جائحة كورونا، وما تسببت به من زيادة في معدلات الفقر والبطالة وتراجع القطاع الصناعي وخسارة بعض الشركات وتوقف بعضها الآخر.

وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الاستثمارات والصادرات في قطاع التصنيع وتطوير الصناعة ومساعدة الشركات على التعافي وإعادة بنائها بشكل أفضل وخاصة بعد الجائحة وتحفيز وتشجيع الاستثمار الذي يقوده القطاع الخاص فضلا عن تطوير وتنمية الصادرات.

وتابعت: "أدت جائحة كورونا إلى ارتفاع معدلات البطالة لا سيما بين النساء والشباب وهذا الدعم سيعزز الشراكة بين القطاعين العام والخاص وسيحقق التعافي والنمو الشامل، ويعتبر دعم وتطوير الصناعة من الأدوات الرئيسية في برنامج أولويات الحكومة الاقتصادي٢٠٢١- ٢٠٢٣ والأنشطة الرئيسية التي يمولها الصندوق تشمل تطوير الصناعة وبرامج تنمية الصادرات".

وترى الشعار أن هذا المشروع يعمل على ضمان إشراك رائدات الأعمال والموظفات وتحقيق التوازن بين الجنسين، وسيسهم في تنويع مصادر الدخل القومي وتوفير فرص العمل وزيادة الصادرات والمبيعات وتعظيم الاقتصاد الوطني من خلال إعطاءالمنتجات الأردنية ميزة التنافس في الأسواق المحلية والعالمية.

وتعمل الحكومة الأردنية على إنشاء صندوق دعم وتطوير الصناعة لوضع سياساتها وبرامجها التنموية الخاصة بالقطاع الصناعي موضع التنفيذ.

وطلبت الحكومة الأردنية مساندة البنك الدولي في تصميم الصندوق الجديد وتشغيله كمنصة تنفيذية فعالة وشفافة لتقديم الدعم اللازم للشركات، وأيضاً كجهة رئيسية للتحفيز وتقديم التسهيلات المالية لتيسير عملية التحول الصناعي في البلاد.

وسينصب تركيز الصندوق على الارتقاء بالصناعات وتحديثها، وتنمية الصادرات والترويج لها، وتحفيز الشركات على تحقيق أداء عالي المستوى في المجالات الحيوية للقطاع الصناعي بُغية الوصول إلى كامل إمكاناته، مثل زيادة الاستجابة لتغيرات المناخ وتوظيف النساء.

ويهدف المشروع إلى دعم أكثر من 500 شركة موجهة للتصدير بشكل مباشر من خلال برامج الصندوق وتعبئة ما لا يقل عن 17 مليون دولار إضافي من رأس المال الخاص. كما سيدعم بناء آليات تنفيذية فعالة وقدرة تشغيلية وحوكمة قوية، ما يمكّن الصندوق من دعم التحول المنشود في القطاع الصناعي على المدى البعيد.

ويموّل الصندوق أنشطة رئيسية؛ تشمل تطوير الصناعة وبرامج تنمية الصادرات، برنامج الحوافز المستندة إلى النتائج، وتيسير الحصول على خدمات التأمين على ائتمان التصدير وأيضاً الحصول على منتجات/ أدوات التمويل الجديدة الخاصة بسلاسل التوريد.