متى ينتهي الخلاف بين أربيل وبغداد حول قانون نفط الإقليم؟

يقوم وفد من إقليم كردستان العراق بزيارة إلى بغداد للتباحث حول الخلافات بين الطرفين حول قانون نفط وغاز الإقليم، المثار حوله الجدل منذ سنوات دون التوصل إلى حل في ظل قرار المحكمة الاتحادية الأخير ببطلان القانون من تعقيد الأوضاع.

ما هو حل تلك الأزمة ومتى تنتهي وهل هي اقتصادية أم سياسية؟

تعليقا على تلك التطورات يقول النائب البرلماني السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، عبد السلام برواري، إن موضوع الأزمة بشأن قانون نفط الإقليم مع بغداد، له شقين أحدهما قانوني والآخر سياسي، فمن الناحية القانونية والدستورية لا يوجد ما يمنع الإقليم من إدارة ملف النفط، كما أن موضوع إنتاج النفط ليس من السلطات الحصرية للحكومة الاتحادية، هذا خلافا للواردات التي يتم تسلمها من الخارج ثم توزع على الشعب.

خلافات سياسية

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أما الشق الآخر والمتعلق بالجانب السياسي، النخب السياسية التي يفترض أنها تقود البلاد لا تؤمن بالدستور ولا التعددية وتتصرف وكأنها في دولة مركزية بسيطة، وهذا هو السبب الرئيسي لعدم التوصل إلى أي اتفاقية في هذا الملف حتى الآن، لأنه في مفهومهم لا يمكن قيام وحدة مستقلة داخل الدولة وفقا للدستور والقانون، وهذا الأمر ليس مشكلة إن لم يتم ربط النزاع القانوني الخاص بموضوع النفط مع تدخل الحكومة الاتحادية بحصة الإقليم وسكانه البالغ عددهم 5 ملايين نسمة من الواردات، التي تعد التزاما من الدولة تجاه شعبها، حتى الخلاف يستخدم كسلاح لاقتطاع ميزانية الإقليم، وهذه هي المشكلة الرئيسية.

وتابع البرلماني الكردي، أن حل المشكلة بين الإقليم والحكومة الاتحادية ليس بيد أحد، بل يكمن في توصل النخبة السياسية في العراق إلى فهم أوضح للفيدرالية والاستعداد للعمل وفق الدستور، لكن وبكل أسف أن إبداء أي رأي في العراق حول قضايا بعينها يعتبره البعض هجوم أو تهجم على المؤسسة القضائية، وهذا الأمر ليس صحيحا حيث تكفل المادة 38 من الدستور للمواطن الحق في إبداء الرأي حول عمل أي مؤسسة رسمية في البلاد، لذا فإن قرار المحكمة الاتحادية حول عدم قانونية قانون نفط الإقليم، لم يعتمد على الدستور وإنما على بعض القوانين الصادرة في زمن صدام حسين، وهى قوانين سياسية مرتبطة بهذا النزاع السياسي الموجود في العراق المتعلق بتشكيل الحكومة لا أكثر ولا أقل، نظرا لأن شركات عالمية كبرى في مجال النفط تعاقدت مع الإقليم بشكل رسمي وفق هذا القانون، تلك الشركات لديها مكاتب كبرى في المحاماة، وقد صرفت تلك الشركات ملايين الدولارات لاقتناعهم بالوضع القانوني للإقليم.

مؤشرات الحل

وحول موعد الحل أو المخرج من تلك الأزمة يقول برواري: إن "العقليات السياسية لا تتغير بقرار أو بشخص، هذا تراث في الشرق الأوسط، والوفود التي تذهب من الإقليم إلى بغداد هي وفود تقنية مختصة عندما تجتمع مع مختصين في العراق وتخرج عنهم تصريحات تعلن التوصل إلى حلول، هذا الأمر حقيقي لأنهم يفهمون الأمور بشكل علمي ودقيق، وقد صرح رئيس وزراء العراق بأن كل المشكلات العالقة تم حلها مع الإقليم وتوصلنا إلى اتفاق، لكنني لا أجد أن هناك مؤشرات الآن لحل دائم إلا إذا نسي العراق كل الخلافات وترك الأمور تسير بشكل طبيعي".

كرة الثلج

في المقابل تقول الخبيرة الاقتصادية العراقية، سلام سميسم، إن قضية الخلاف بين بغداد وأربيل حول قانون نفط الإقليم هي قضية سياسية بحتة، وليست قضية قانونية أو اقتصادية.

وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أن هناك اتهامات متبادلة بين الطرفين، بالابتعاد عن الدستور وقضية الحقوق، القضية هي قضية خلافات سياسية، وبكل أسف أن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العام 2003 حتى الآن، تجلس وتتباحث بكل صراحة حول هذا الموضوع، وباتت تلك القضية اليوم ككرة "الثلج"، تكبر مع مرور الوقت وتتدحرج من حكومة إلى أخرى، ومع مرور الزمن أصبحت المسألة معقدة جدا، لأنها تتطلب تفاهما و وضعا سياسيا بين القيادات ووضع النقاط على الحروف، وهذه هى القضية المهمة.

المكاشفة الصريحة

وحول عدم اعتراف بعض القوى السياسية في بغداد بالحكم الذاتي في إقليم كردستان ترى سميسم، أن العراق خرج من نظام "شمولي" كان سائدا قبل العام 2003 ، هذا الأمر لا بد وأن له تراكمات في ذهن موظفي الحكومة الذين يحاولون تأويل القاعدة القانونية، لذا نجد الكثير من الأخطاء والملابسات، والحل يكمن في المكاشفة الصريحة بين الأطراف المعنية وكذلك وضع نص قانوني واضح وتغليب التفاهم وحسن النية على تلك القضايا.

قال مجلس القضاء في إقليم كردستان العراق إن قانون النفط في الإقليم ما زال ساريا، رافضا بذلك حكما أصدرته المحكمة الاتحادية العليا بضرورة تسليم السلطات الكردية إمداداتها من الخام.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد قضت في فبراير/شباط بعدم دستورية قانون إقليم كردستان الذي ينظم قطاع النفط والغاز فيها.

وقال مجلس القضاء في إقليم كردستان في بيان إن "تصرفات حكومة إقليم كردستان العراق في شأن العمليات المتعلقة بالنفط والغاز تتوافق مع الدستور العراقي لعام 2005".

وتابع البيان أن المادة 112 من الدستور العراقي الصادر في أغسطس/ آب 2005 تنص على أن تقوم الحكومة الاتحادية "بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة"، وهو ما يعني أن الحقول التي كان لها إنتاج تجاري بعد هذا التاريخ لا تنطبق عليها هذه المادة.

وفي منتصف الشهر الماضي، أعلنت شركة "نفط الشمال" التابعة لشركة النفط الوطنية العراقية، سيطرة قوة مسلحة تابعة لحكومة إقليم كردستان، على آبار وحقول أخرى للنفط شمالي محافظة كركوك.

وذكرت الشركة في بيان، "سبق وأن حصلت عددا من التجاوزات والانتهاكات على الحقول النفطية التابعـة لشركتنا مـن قبل حكومة إقليم كردستان ومنها حقول (خورمالة/ آفانا/ صفية/ كورمور)".

وردت حكومة إقليم كردستان على ذلك بنفي سيطرتها على حقول للنفط في محافظة كركوك (الغنية بالنفط) شمالي البلاد بـ "دعم" من قوة مسلحة .