ويرى الخبراء أن التقارب السعودي الروسي ليس وليد اللحظة وأن العديد من المجالات ستشهد قفزة خلال الفترات المقبلة، في ظل التفاهم والتنسيق على أعلى المستويات، والنهج الذي تعمل عليه السعودية ضمن رؤية 2030.
وجاء في بيان الكرملين بهذا الصدد: "بمبادرة من الجانب السعودي، جرى اتصال هاتفي بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وولي عهد المملكة العربية السعودية، محمد بن سلمان، حيث تم التطرق إلى المشاكل الإقليمية، بما فيها، الوضع في سوريا ومنطقة الخليج". وأشار البيان إلى أن الطرفين اتفقا على مواصلة الاتصالات على مختلف المستويات.
من ناحيته قال الدكتور أصيل الجعيد أستاذ القانون الجنائي في معهد الإدارة العامة في الرياض، إن التعاون السعودي الروسي يأتي في إطار المصالح المشتركة، وبناء جسور التعاون بين البلدين وتبادل المنافع بما يخدم أهداف هذه الشراكة الاستراتيجية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "إن اتصال الرئيس الروسي وولي العهد السعودي يحمل إشارة مهمة، وأن العلاقات السعودية الروسية تمضي قدما وتتطور منذ زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لروسيا سنة 2017، حيث حظي باستقبال ملكي مهيب يرسخ ويظهر العلاقة القوية بين البلدين".
وأشار إلى أن روسيا كانت أول دولة غير عربية اعترفت بالمملكة العربية السعودية، وأقامت معها علاقات دبلوماسية في فبراير/شباط عام 1926م.
في عام 1930، حوّلت القنصلية الروسية في جدة إلى سفارة، وفي 17 سبتمبر/أيلول عام 1990، حيث صدر بيان مشترك يعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية على أسس ومبادئ دبلوماسية ثابتة.
ومضى أستاذ القانون، بقوله: "قام فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير/شباط عام 2007، بزيارة إلى المملكة العربية السعودية كأول زعيم روسي يقوم بهذه الزيارة".
كما تم خلال الزيارة تحديد اتجاهات جديدة للتعاون (التكنولوجيا الذرية وغزو الفضاء في الأغراض السلمية).
في أكتوبر /تشرين الأول2017، قام العاهل السعودي الملك سلمان بزيارة موسكو، وهي أول زيارة لملك سعودي إلى موسكو، والتقى الملك سلمان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبرئيس الوزراء دميتري ميدفيديف والعديد من كبار المسؤولين الروس.
ويرى الجعيد أن السعودية قوة عظمى ورقم مؤثر ولاعب إقليمي مهم في الشرق الأوسط والعالم، وأن روسيا على الجانب الآخر قوة عظمى كذلك.
وفيما يتعلق بفرص التعاون بين البلدين، يرى الخبير العسكري أنها كبيرة للغاية، خاصة أن روسيا تمتلك ترسانة وتكنولوجيا عسكرية لا يستهان بها، وقد تستفيد منها المملكة في محاولتها الحالية ضمن رؤية المملكة 2030، في توطين وتمكين وتوظيف الصناعات العسكرية، بما يخدم مستهدفات الرؤية الوطنية، بحسب الجعيد.
على الصعيد الاستثماري أوضح الخبير أن الاقتصاديين الروس يمثلون أهمية على الساحة الدولية، وأن الاقتصاديين في السعودية يتوجهون بدعوة الجانب الروسي لزيارة المملكة ورؤية الفرص الاستثمارية بها.
ومضى بقوله: "إن روسيا تملك خبرة استخباراتية كبيرة من خلال وكالات مثل" جي ار يو GRU"وغيرها، كما أن التعاون المخابراتي بين البلدين مهم لحماية مصالحهما في منطقة الشرق الأوسط والعالم".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن اتصال الرئيس الروسي بوتين وولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتأكيد الطرفين على التنسيق لدعم استقرار أسعار النفط هو مؤشر جيد، وينعكس بالإيجاب ليس فقط على أسعار النفط وإنما أيضا على استقرار الاقتصاد العالمي كافة.
بشأن التعاون بين السعودية وروسيا، أشار الصانع إلى أنه يشمل العديد من المجالات العسكرية المختلفة، وكذلك مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، والإسكان، والفضاء، وأن الفرصة المستقبلية واعدة.
فيما قال عبد الله دانش اقتصادي ومستثمر سعودي، إن العلاقات السعودية الروسية، في تطور دائم وأن المشروعات المشتركة في مختلف المجالات تدل على قوة ومتانة العلاقات السعودية الروسية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن السعودية تعمل مع شركائها في روسيا على استقطاب العديد من الشركات، والصناعات الروسية، حيث دعمت وحفزت هذه العمليات من خلال القطاع الخاص للمشاركة في هذه المجالات الواعدة بين البلدين.
وأشار إلى أن التنسيق السعودي الروسي يمثل ضمانة قوية لأسواق النفط، وواجهة قوية لاستثمارات جديدة.
وشدد على أن التعاون السعودي الروسي في أسواق الطاقة يدل على الوحدة بين أكبر منتجي مجموعة "اوبك +"، وأنها دلالة قوية ورسالة واضحة وجيدة للأسواق، وتصدي منيع إلى المتشككين في السوق.
حيث تم التوقيع على مذكرات تفاهم عديدة بين البلدين في مختلف المجالات، إضافة إلى الزيارات العديدة التي قامت بها الوفود الرسمية بين البلدين.
وشدد على أن القطاع الخاص المشارك في مباحثات عديدة مع الشركات الروسية دليل كبير على التعاون بين البلدين والفرص التي تجمعهم.
ومضى بقوله: "القطاعات الرئيسية التي تجمع المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية ليست فقط قطاعات الطاقة، وإنما القطاعات الصناعية والتقنية، والقادم في المشاريع السعودية الروسية في الساحة الصناعية والتقنية سيكون من أهم مستويات التعاون بين البلدين.
فيما قال الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد المقصودي، أستاذ القانون العام السعودي، إن التواصل المستمر بين قيادة السعودية وروسيا يمثل فتحا للأبواب، حيال إنشاء شراكات استراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية.
بحسب أستاذ القانوني السعودي، تفتح الاتصالات الثنائية القريبة بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي المجال لفتح آفاق جديدة، تركز على بناء شراكات استراتيجية في مجالات واعدة، منها البتروكيماويات والطاقة والزراعة والتصنيع العسكري.
ومضى بقوله: "السعودية أعلنت إبان زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى سان بطرسبرغ في يونيو/حزيران 2015، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نيتها عزمها بناء 16 مفاعلا نوويا للأغراض السلمية ومصادر الطاقة والمياه، وسيكون لروسيا الدور الأبرز في تشغيل تلك المفاعلات".
وأشار إلى أن السعودية تسعى للاستثمار في المجال الزراعي في روسيا بقوة، من خلال شراء شركات روسية أو إنشاء شركات جديدة، توفر للسعودية الأمن الغذائي لوارداتها الغذائية لا سيما من الحبوب، إلى جانب الاستفادة منها على نطاق تجاري والتصدير لعدد من دول العالم الأخرى.
وشهدت العلاقات السعودية الروسية تقاربا كبيرا خلال السنوات الأخيرة توج ذلك باتفاق البلدين على هامش اجتماع قمة العشرين في سبتمبر 2016 الذي عقد في الصين، على العمل معا لتحقيق وضمان استقرار أسواق النفط.
وأكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، خلال لقائه بوتين حينها، أن "التعاون بين المملكة وروسيا بخصوص النفط من شأنه أن يعود بفوائد على أسواق النفط".